د. هدى عنيد
(المؤمن يأكل بشهوة عياله، و المنافق يأكل اهله بشهوته)، حديث شريف « .. عندما كنت منهمكة في اعادة ترتيب اوراقي، ودفاتري القديمة، استوقفتني عبارة دونتها على غلاف احد دفاتري المدرسية، وهي نص لحديث شريف، يقول « المؤمن يأكل بشهوة عياله، والمنافق يأكل أهله بشهوته «.
ما أثار اهتمامي، انني كتبت ذلك الحديث، وطوقته بدائرة كتبت عليها ( الى مستقبلي المجهول في ذلك الحين، ادركي معنى الحديث، عندما تكونين هناك … )
الآن انا هناك، وادركت مضمون هذه الكلمات، وأثارت في رأسي الف علامة تعجب، اخذت اتأمل واقعي، وما كان مجهولا في الماضي، قد اصبحت الان جزء منه، واصبح الان هو المعلوم. وصار ذلك الحديث، المدون في عتيق دفاتري، جزء من الواقع، رغم اني عندما دونته، كان هذا اليوم مجهولا بالنسبة لي !.
حقيقة ذلك الحديث الشريف، منطبقاً على واقع موضوعه، هو التأكيد على مكانة الاسرة، وحفظ القيم المعنوية في المجتمع، ودوامها وبقاء المودة التي غابت عند البعض في وقتنا الحالي. فضلا عن تقوية العواطف التي تحجرت، وحل مشاكل المجتمع، بترابط الاواصر ، فما اراه وادركه اليوم، هو متاجرة الكثير من الناس بالقيم و الأخلاقيات، دون فعل على ارض الواقع..
ان المشاكل الاجتماعية، التي عصفت ببعض الاسر، أفرزت جرائم التعنيف، و التشنيع و الصراعات والبغضاء .. فالخير ومعناه اختفى، في ظل النفاق الدارج .. اب يتاجر بفلذات كبده، ام تذبح اطفالها، اطفال مشردون يتسولون في الشوارع، انتهاكات كثيرة، تقابلها قوانين وقواعد مركونة على رفوف المصالح المتنازعة.
ان غياب أدوار المؤسسات الأجتماعية والحكومية، في معالجة المشكلات المتفاقمة، سيؤدي بالتأكيد الى أفرازات دخيلة على أخلاقيات المجتمع الأصيلة، والمشكلة ان الكثير من المؤسسات التي تعد صمام امان المجتمع، تنادي بشعارات براقة، وبالواقع لاشي، بسبب الأنا التي اشعلت الجشع في قلوب الناس، و صارت تعمل لتحقيق مصالحها الشخصية، وتجاهل المصلحة العامة، التي تقضي مواجهة المشكلات الاجتماعية، بكل نزاهة ونكران ذات، وتعزيز قيم التراحم والتعاون والمساعدة وأغاثة الفقير والمحتاج، للوصول الى مجتمع سليم معافى.
*تدريسية في جامعة الإمام الصادق