كريم هاشم العبودي
يحيي العراقيون في العراق وفي بلدان أخرى مجالس عزاء لإحياء طقوس ذكرى شهر محرم الحرام ، ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء في القرن السابع للميلاد.. وترسخت هذه الطقوس لتصبح بمثابة العقيدة التي يتداخل فيها الديني بالسياسي والاجتماعي.ويصادف يوم عاشوراء أيضا اليوم الذي استشهد فيه الحسين بن علي حفيد الرسول في معركة كربلاء، لذلك فهو يوم عزاء وحزن.
اهم طقوس المناسبة الاليمة
وبشأن قدسية تلك المناسبة الاليمة في نفوس العراقيين .. واهم طقوسها .. وقصة استشهاد الامام الحسين ( عليه السلام ) .. كانت لنا هذه الجولة مع اصحاب المواكب .. واصحاب الاختصاص الذين بدأوا بنصب خيم العزاء في بغداد .. وكافة المدن والمحافظات العراقية ..
يقول الحاج السيد ماجد سويه .. الذي كان منشغلا بتهيئة الطعام للمعزين في موكبه .. عن قصة استشهاد الامام الحسين ( عليه السلام ) : كان جيش يزيد بن معاوية قد حاصر الامام الحسين بن علي وأنصاره في اليوم الأول من شهر محرم في صحراء قرب كربلاء المقدسة . وفي العاشر من الشهر سقط الحسين شهيدا .. ومنذ تلك الفترة وخلال الأيام العشرة الأولى من محرم اصبحت تقام المجالس الحسينية وتسيّر المواكب لاستذكار الحدث والتعبير عن الحزن بالبكاء ، كما تمارس طقوس أخرى تتضمن مسرحة الحدث، حيث تقدم عروض في الهواء الطلق تسمى ( التشابيه ) .. في كافة انحاء العراق .. تخليدا لهذه المناسبة الاليمة ..

ترسيخ الدين .. وديمومة المعتقد
تعد تلك المجالس والمواكب من أهم الطقوس لدى اغلب العراقيين ، كذلك لكافة الدول الاسلامية .. وأحرار العالم يرون أن لاستشهاد الامام الحسين ( عليه السلام ) .. دورا في ترسيخ الدين وديمومة المعتقد، لما يملكه من شاهد على الثبات على المبدأ والمطالبة بالحق .. هذا ما تحدث عنه الشاب عزورالعلياوي .. الذي كان يتوسط عمته .. لتهيئة الطعام .. والشراب لابناء محلته البغدادية .. تيمنا بهذه المناسبة الاليمة ..

كل شيء نقدمه للعراق قليل
وقال الحاج عبد الله هاشم .. وهو احد خدام موكب ( العراق اولا ) .. بأن كل شيء قليل على الحسين.. الحسين نقدم له أرواحنا .. وكل ما نملك ..
ويضيف : الثورة الحسينية جسدت جملة من المفاهيم الانسانية مثل الصبر والشجاعة، ورفض الظلم والاستبداد والثورة على الفساد وبالتالي هذه القيم قيم انسانية يشترك فيها كل انسان مسلماً كان أو غير مسلم وبالتالي هذا البعد الانساني في هذه الثورة استطاع أن يحافظ على استمرار تلك المباديء الانسانية في عالمنا هذا الذي نعيشه اليوم ..

كرامة العراقيين خط احمر
وأوضح د فيصل العامري / استاذ جامعي : بأن هذا المفهوم الذي نستلهمه من ثورة الطف في عالمنا اليوم هو اننا يجب ان لانركع امام الظلم وبالتالي لابد أن نقاوم من يريد أن يغتصب حقوقنا ومن يريد أن يسرق ثرواتنا ومن يريد أن يهين كرامتنا فنحن اهل العراق كرامتنا خط احمر ..

الوقوف صفا واحدا امام اعداء الحياة
وبشأن اسباب احتفال العالم الاسلامي في احياء هذه الذكرى الاليمة .. ومشاركتهم المصاب .. مع العراقيين .. قال كاظم تكليف الموسوي / احد اعضاء مجلس نقابة الصحفيين العراقيين : طبعا هناك ابعاد متعددة وكثيرة في المنهج العاشورائي يعني لو أخذنا على سبيل المثال على صعيد القيم على صعيد الاخلاق وعلى صعيد وحدة المسلمين وعلى صعيد رفض الظلم وعلى صعيد الوقوف صفاً واحداً امام اعداء العراق .. كل هذه القيم تحملها الثورة ، وان هذه الثورة الحسينية فيها من القيم فلابد أن ندرسها .. وأنا اعتقد نحتاج في هذا السياق للمزيد من مراكز البحوث والدراسات في الشأن الحسيني .. وللاسف الى الان لا توجد مراكز حقيقية تهتم بهذا الشأن لأن ثورة الامام الحسين(عليه السلام) تراث وثروة وثورة وقيم ونهضة وحضارة لابد أن نكتشف هذا الوجود الحسيني وللاسف الشديد أن هناك من يستبدل مثل هذه الأدوات بأدوات طارئة على طقوس ذكرى ثورة الامام الحسين ( عليه السلام ) ، لذا يجب الحفاظ على هذه الثوابت الاخلاقية .. وضرورة اقتداء الشعوب المظلومة بالثورة الحسينية التي تطالب بالحرية و الاستقلال ..
تعديل مسيرة الانسان
وأضاف الموسوي : لقد هزت ثورة الامام الحسين عليه السلام وجدان العالم والانسانية بدون أستثناء ، عدوا كان أم صديق ، مما يظهرتجلي هذه الثورة وقوة تاثيرها في الرأي العام الانساني ، نعم أنها ثورة الانسان الذي يرفض الذل والسكينة ، ويعتز بنفسه كأنسان ، فالناس ولدوا أحرارا ومتساوون بالحقوق والواجبات وربهم واحد هو الله ، ولا يمكن أستعباد الانسان فالانسان مقدس لايمكن العبث به أو هدره ، وهو خليفة الله في أرضه ونائبه ، لهذا خرج الامام الحسين عليه السلام وقبله الانبياء لتعديل مسيرة الانسان والقضاء على من يستعبده ، ولهذا فأن الامام الحسين أصبح مدرسة الانسانية التي تتخذ منها منهجا للتحرر والاحتفاظ بالكرامة الانسانية وعودة الحقوق المهدورة .

دراسة منهج الامام الحسين ( عليه السلام )
اما الحاج كنعان هاشم العبودي .. فقد عبر عن شعوره بهذه المناسبة المحزنة .. فقال : تعددت المدارس في دراسة منهج الحسين ومدرسته في الغوص في قضية الامام الحسين عليه السلام ومن هذه المدارس الاستشراقية المدرسة الانكليزية فقد جاء على لسان الكاتب ديكنز قوله في ثورة الامام الحسين عليه السلام ((إن كان إلامام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية ، فإني لا أدرك لماذا أصطحب معه النساء والصبية والاطفال ؟إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الاسلام ، أما ما جاء عن توماس كارليل وهو فيلسوف وكاتب قوله في ثورة الامام الحسين عليه السلام ((أسمى درس نتعلمه من مأساة كربلاء هو أن الحسين وأنصاره كان لهم إيمان راسخ بالله ، وقد أثبتوا بعملهم ذاك أن التفوق العددي لا أهمية له حين المواجهة بين الحق والباطل ، والذي أثار دهشتي هو أنتصار الحسين رغم قلة الفئة التي كانت معه ، وكذلك اذكر كلام المستشرق الانكليزي إدوارد براون فجاء قوله (( وهل ثمة قلب لا يشعر باللوعة والحزن والألم حين يسمع حديثاَ عن كربلاء ؟ وحتى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهرة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلها )) ، وكذلك قول فرديك جمس فقد جاء قوله (( إن نداء الحسين وأي بطل شهيد آخر هو أن في هذا العالم مبادئ ثابتة في العدالة والرحمة والمودة لا تغيير لها ، ويؤكد لنا نحن امة الاسلام .. بانه كلما ظهر شخص للدفاع عن هذه الصفات ودعا الناس الى التمسك بها ، كتب لهذه القيم والمبادئ الديمومة )) ولا ننسى موقف الزعيم الهندي المهاتما غاندي .. حين قال : لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين ، شهيد الاسلام الكبير ، ودققت النظر في صفحات كربلاء ، وإتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر ، فلا بد لها من إقتفاء سيرة الامام الحسين ، وجاء ايضا عن القسيس إنطوان بارا قوله: ( لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أمن راية ولأقمنا له في كل أرض منبر ولدعونا الناس الى الاقتداء بثورة الحسين .

ابلغ شهادة في تاريخ الانسانية
ويتابع العبودي كنعان : جاء عن الاثاري الانكليزي وليم لوفتس (( لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الانسانية وأرتفع بمأساته الى مستوى البطولة الفذة )) ، أما الانكليزي جون أشر جاء قوله : إن مأساة الحسين تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي .

فيض كبير من لؤلؤ وزمرد
ما كتبناه هو بعض من فيض كبير من لؤلؤ وزمرد من أقوال بحق الامام الحسين عليه السلام ، مما يدل على أهمية هذه الثورة وعمق تاثيرها في النفس الانسانية فلنتعلم نحن العراقيين من الامام الحسين كيف نضحي من أجل القيم والمبادئ ومن أجل الوطن وحمايته والذود عنه بكل غال ونفيس فالذي يقدم لوطنه واهله وانسانيته سيذكره التاريخ بشرف واعتزاز سواء من العدو أو الصديق.