سلام جاسم الطائي
للإعلام دور رئيس في حياة أي مجتمع وهو يؤدي وظائف على قدر كبير من الأهمية، فهو أولا وسيلة لنقل المعلومات، سواء كانت أخباراً أو أدباً أو علوماً. وثانياً وسيلة للتوعية والتثقيف وتنوير المجتمع بالقضايا التي تهمه والتحديات التي تواجهه. وثالثاً يقوم بمهمة المراقبة لأعمال المؤسسات والحكومة وأنشطتها، ومن هنا فإن الإعلام يلعب دوراً حاسماً في تكوين الرأي العام المحلي أو العالمي وتوجيهه، ولذلك يسمى «السلطة الرابعة» في الدولة إلى جانب السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، وربما يكون في بعض الأحيان أكثر تأثيراً من هذه السلطات،.
حيث يشهد العالم اليوم تطورات سريعة في ميدان الاتصال، انعكست بصورة كبيرة على ميدان الإعلام بشكل عام، والذي جمع بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصال، مما أدى إلى ظهور سوق حقيقي للوسائط المتعددة، التي تسمح بإدماج الكثير من المعطيات من مصادر مختلفة ، فقد تجاوزت بلا شك الدور الإخباري لوسائل الإعلام التقليدية، وخلقت الأهم بتوفير التواصل والتفاعل بين الناس للمشاركة بأنفسهم وبمختلف مستوياتهم الثقافية في صنع الخبر ونشره بأقصى سرعة، لتجد وسائل الإعلام التقليدية نفسها مجبرة على استنشاق نسيم الحداثة ومواكبة التطور المتلاحق في وسائل الإعلام الإلكترونية حتى لا تصبح جزءاً من الماض اذ سمحت وسائل التواصل الاجتماعي بالتبادل الثقافي الجماعي والتواصل بين الثقافات، وأدى ظهور منصات التواصل الاجتماعي إلى دمج الثقافات المختلفة وطرق الاتصال معا، ومزج بين أنماط التفكير الثقافي المختلفة وأنماط التعبير، أيضا أثرت وسائل التواصل الاجتماعي على طريقة التواصل من خلال إدخال أشكال جديدة من اللغة.
من هنا، كان كل تغير اجتماعي نتاجاً لتغيير في تقنيات الاتصال. وبناء على ذلك، نجد إنسان اليوم والعالم الاجتماعي الافتراضي مؤثراً بشكل لا يستهان به، إذ إنه صاحب التطور المذهل لأداة الاتصال وتوظيف دور التكنولوجيا التي جعلت كل فرد من أفراد هذه القرية الكونية عنصراً فعالاً وصاحب رأي في المجال الافتراضي في موضوعاته، وأرست أسساً جديدة لتأثيرات نموذج الاتصال الجديد وانعكاساته على المجتمعات، فأحدث ذلك تغيرات نقلت الفرد ‏والمجتمع إلى دور أكبر و أعمق ومشاركة أكثر من دون حدود أو حواجز إلا الخيال، وأصبح التواصل عبر الشبكات الرقمية، وخصوصاً مفهوم الإعلام الرقمي، ظاهرة يجب أن تدرس كل عصر على حدة، بناء على تطور وسائل الاتصال فيها.ما سمح للمتلقي بـ»اجترار» الأخبار وصنعها أيضاً، وجعل الفرد في العرض ومن ضمن دائرة إطار المرسل، وصار المشهد الإعلامي أقرب إلى أن يكون ملكاً للجميع وأكثر انتشاراً وسرعة في الوصول إلى أكبر عدد ممكن.
إن تأثير تطور الوسيلة الإعلامية ساهم في تأثير المضمون أيضاً، ما يجعلنا نقف أمام تطور يصنع القرار ويساعد على تشكيل الرأي العام، لنقف أمام خطورته من جهة، وأساس تأثيره ومدى تأثيره من جهة أخرى، ليكون للصحافة الإلكترونية والوسائل الإعلامية الرقمية التي استخدمت التكنولوجيا ‏الدور الأساس في خلق المجتمعات والإيديولوجيا الحديثة، لما قدمته من ميزات جديدة من التفاعلية والديناميكية والتحديث المستمر والشيوع والانتشار وتعدد خيارات البحث وغيرها من الخدمات التي أتاحت خلق مساحة أكبر للإعلام الرقمي. ان تطور الاعلام وانتشار المعلومات سواء كانت صحيحة أو غير ذلك مكن المنصات الرقمية ان تكون مصدر اساسي للمعلومات وتمكن مالكي ومستخدمي هذه المنصات من فرض وترويج وتسقيط من يريدون بسهولة اذ ان جمهور التواصل الاجتماعي مختلف الثقافات والتوجهات ومن السهولة التاثير به وسحبه نحو المساحة الضيقة التي يراد لها ان تكون فاعلة و موجهة للرأي العام . نعيش اليوم عصر التسيب الاعلامي الذي لايخضع للرقابة والمتابعه ومن الممكن ان نفقد الكثير من المتبنيات والثوابت الاجتماعية والاخلاقية وحتى السياسية والثقافية علينا ان نكون بمستوى التحدي الذي نعيشه اليوم وان نكون فاعلين واصحاب رآي شاخص وواضح للمحافظة على حقوقنا الوطنية من عبث العابثين وان نعمل على صناعة المستقبل الذي نرغب ان يكون فية ابنائنا.