كريم هاشم العبودي

أستفحلت في الاونة الاخيرة .. ظاهرة أزدياد .. الدراجات النارية في بغداد .. وكافة المحافظات العراقية .. وتكاد تكون تفوق اعداد البشر .. ما لم تضع الدولة ضوابط صارمة على مستخدميها .. ومستورديها .. حفاظا على حياة الناس .. من خلال سن قوانين جديدة .. وذلك للحد من تهور البعض .. من المراهقين .. لكيفية قيادتها ، ولوضع حد للحوادث المؤسفة التي راح ضحيتها الالاف من الابرياء .. نتيجة رعونة البعض .. !!
انها حكايات .. وقصص لم تعد نسج خيال .. بل حقيقة مرعبة .. تجري وقائعها يوميا في شوارع بغداد .. والمحافظات .. امام مرأى الجهات المسؤولة !!
لنقرأ عبر السطور ادناه .. بعض مما جرى .. ويجري :

نتيجة مأساوية !!
لم يدر في خلد ( أم أحمد ) .. بأنها ستودع وللأبد وحيدها الشاب أحمد .. ذو الواحد والعشرين عاماً والتي أرسلته لجلب حلوى زفافه .. وهي التي كابدت من أجله ثمانية اعوام .. بعد وفاة والده .. إذ خرج يوم الخميس من شهر أيلول الماضي بدراجته الحديثة غالية الثمن ليستعرض مهاراته في القيادة مع ثلة من زملائه في منطقة الجادرية ببغداد ، وعندما شاهد أحمد أحد زملائه يرفع العجلة الأمامية لدراجته لتسير بعجلة واحدة وبسرعة جنونية أمام أنظار العوائل التي ملأت المكان .. أراد أحمد أن يبرهن للناس بأنه أكثر مهارة من زميله .. فما كان منه إلا وقد رفع عجلة دراجته بقوة هائلة وهنا حدثت المأساة إذا أخطأ أحمد بالمحاولة لتنقلب الدراجة على رأسه لتصيبه إصابة مباشرة أدت إلى تهشيم الجمجمة وكسور في الظهر .. فتوفي في الحال امام ذهول المواطنين الذين عبروا عن استيائهم لهذه الرياضة الغريبة التي عادت تستفحل بشكل لا يمكن السكوت عنه .. !!

العاب خطيرة ثمنها غالٍ !!
دراجة تدور بسرعة جنونية حول المكان .. وأخرى تترنح على بضعة أمتار من الشارع ترسم رسوماً أشبه بالأخطبوط وثالثة أرتقع إطارها الأمامي وفجأة وسط الدخان والشرار الذي يخرج منها ينفجر الإطار الخلفي ودراجتان تسيران بسرعة الصاروخ يسابقان بعضهما البعض إلى المجهول الذي من الممكن أن يكون الموت .. كلها العاب خطيرة وسيلتها الدراجة وثمنها حياة شاب لا يعرف أن كان يعود الى عائلته سالماً .. أم ينتظره مصير آخر لا سمح الله ؟!

سلوكيات مرفوضة !!
في منطقة الجادرية على مقربة من جزيرة الأعراس .. حيث الموت وحيث الاستعراضات الجنونية وكذلك الشوارع العامة في الكرادة وأبطالها شباب .. وهذه الاستعراضات لم تكن وليدة اليوم أنما تعود لفترة طويلة قبل سقوط النظام السابق .. واستفحلت اليوم بعد دخول الدراجات الحديثة .. حيث اعتاد الشباب التجمع في هذه الأماكن للقيام بهذه الاستعراضات والسباقات التي تتكون من عدة فقرات وكل فقرة لها اسمها الخاص والاستعدادات الخاصة بها ؟!

حالة طبيعية .. فلماذا الاستغراب ؟!!
يستغرب الشاب عمار من موقفنا الرافض لهذه السلوكيات الخطيرة ويقول بأن مثل هذه « الهمبلات « وهي التسمية الشائعة لأصحاب الاستعراضات .. بأنها معروفة بين أوساط الشباب العراقيين .. ويمارسها البعض ممن يمتاز بإجادة حركات معينة فترتبط بهم وتطلق عليهم تسميات معينة ويقوم البعض بتجهيز دراجاتهم لهذه السباقات بمعرفتهم أو مع بعض محال تصليح الدراجات ، حيث يتم « ترهيم « شوته .. وهذه من شأنها أن تقوي الصوت والبعض يقوم بإلغاء أو كسر « الاكزوز» لنفس الغرض .

تصلنا .. الابتكارات اول بأول !!
الشاب حيدر علي .. عاد للتو من أحد محال تصليح الدراجات بعد أن أجرى عليها تعديلات معينة تزيد من سرعتها ويعلو صوتها .. أخبرنا حيدر بأن هؤلاء الميكانيكيين وخاصة في بغداد تصلهم الابتكارات أول بأول وبأسعار رخيصة .. وعن بعض أساليب اللعبة قال حيدر ، قد يذهب بعض الشباب من منطقة لتحدي شباب منطقة لتحدي شباب منطقة أخرى في السرعة أو الحركات .. وتعد مسألة طبيعية أن تجد شباب زيونة يتسابقون مع شباب الكرادة !!

على الطريقة الهوليودية !!
على مقربة من أحد اكشاك المرطبات وقف الشاب مؤمل يجهز دراجته استعدادا لدخوله السباق .. أخذنا فضولنا الصحفي وسألناه عن طبيعة هذه السباقات بمشاهدة جمهور واسع من الشباب حيث الإنارة والحركات على الطريقة « الهوليودية « وغالباً ما يقوم البعض بتصوير هذه الاستعراضات ونهايات السباقات ليراها من غاب عن العرض وأيضاً لتبقى ذكرى .

طقوس خاصة !!
وأشار مؤمل بأنه قبل الأحداث كان يمارس السباق بواسطة سيارته الحديثة آنذاك وقال : بأن هنالك استعدادات وطقوس خاصة كنا نقوم بتجهيز حلبة السباق من التراب .. والرمل .. لإثارة الغبار اثناء السباق .. كما كنا نقوم بسكب « الكاز « على الشارع حتى « تدخن « إطارات السيارة عند الدوران !!

بعيداً عن أنظار القوات الامنية !!
ما الأيام التي تمارس فيها هذه الاستعراضات ؟ وهل هنالك مناسبات معينة يزداد الأقبال عليها .. وجدنا الجواب لدى الشاب قاسم محمد الذي أخبرنا بأن هذه المنافسات والاستعراضات تزداد في الأعياد والأعراس ومناسبات فوز المنتخب العراقي .. ، حيث نحتفل بهذه الاستعراضات ونقوم بعمل حركات و» همبلة « أثناء سير موكب العرس ، وفي بعض الأحيان تتسم في الأيام الممطرة ، فنقوم بهذه الاستعراضات في الليل لإضفاء جو من الأثارة .
ويضيف : أما السباقات قد يكون موعدها محدداً مسبقاً أو بالصدفة كان تقف دراجتان متجاورتين عند أحد التقاطعات أو الإشارة الضوئية فيتفق الأثنان وفق حركات مفهومة على الرغبة في التسابق لاختيار قوة الدراجتين .. ومن الطريف أن تكون إشارة شرطي المرور للسيارات للمسير هي نفسها نقطة الانطلاق لهما !!

دور رجال المرور
وبشأن دور شرطة المرور لملاحقة المتسابقين يقول قاسم غالباً ما نقوم بممارسة هذه المسابقات في أماكن بعيدة عن عيون الشرطة وقد يستعين الشباب بمن يحرس لهم الشارع لينصرف المتسابقون من المكان دون رؤية دوريات الشرطة أو الحرس الوطني من بعيد !!

حسبي الله ونعم الوكيل
لا ينسى المواطن أبو غائب يوم الثامن من أيلول عندما كان يصطحب زوجته الحامل بعد طول عقم استمر ثمانية اعوام في جولة ترفيهية بأحد شوارع بغداد .. عندما وقفت بجانب سيارته عند أحد التقاطعات أحدى الدراجات الحديثة وكان يقودها أحد الشباب الطائشين .. فقام هذا الشاب بحركات بهلوانية غريبة وأخذت دراجته بالدوران حول نفسها وفجأة اطلقت أصوات تشبه أصوات ال « بي كي سي « مما أدى إلى إصابة زوجته بحالة أغماء .. أدت إلى اجهاضها .. وهنا رفع أبو غائب يديه إلى السماء وقال : حسبي الله ونعم الوكيل !!

الفضائيات هي السبب
وعبرت المواطنة أسماء العامري عن رأيها لما تشاهده من انحلال اخلاقي لبعض الشباب وفسرت ما يجري بانه ناجم عما تبثه الفضائيات الاجنبية من افلام تتضمن مشاهد المخاطرات والرعب والجريمة .. ودعت العامري وزارة الداخلية .. ومديرية المرور العامة العمل بجدية لوضع حد لتهور البعض من سائقي الدراجات النارية .. لا سيما بعد ان اصبحت تهدد العوائل العراقية .. في المحلة .. والزقاق !!

نحاسب من يعبث بأمن المواطن
وفي ختام جولتنا حملنا عدداً كبيراً من المواطنين لا سيما العوائل البغدادية الأمنة التي جاءت مع أطفالها لقضاء أمتع الأوقات العمل الجاد بشأن هذه الممارسات الخطرة وإيجاد الحلول لاجتثاثها من الشارع العراقي .. وفي حقيبتنا الصحفية العديد من الأسئلة في هذا الشأن ..
عميد المرور عبد الله الجنابي.. أجاب عن هذه الظاهرة ومخاطرها فقال :
لا شك أن هذه السلوكيات المرفوضة هي جاءتنا من دول الجوار لا سيما دول الخليج العربي إذ توجد هناك « حلبات « خاصة يمارس فيها الشباب هواياتهم ومنها استعراض مهاراتهم بقيادة الدراجات .
وأضاف : نحن نعمل جاهدين على محاسبة كل من يخل بالنظام وينتهك القانون العراقي ، وقد تم حجز عدد كبير من هؤلاء الشباب .. وتم تغريمهم وأخذ تعهد بعدم تكرار المخالفة .. وبشأن الاستيراد العشوائي للدراجات قال الجنابي بأن الكمارك العراقية هي المسؤولة عن ذلك ، ورغم المخاطبات العديدة للحد من الاستيراد العشوائي لتلك الدراجات إلا أن للأسف لم تستجب الدوائر المعنية لهذا الشأن .
وفي ما يخص تسجيل الدراجات النارية والتأكد من عائديتها وسلامة موقفها ، أوضح بأن هناك بياناً صادراً عن المرور يشير إلى ضرورة تسجيل الدراجات من قبل حائزيها وخلال فترة ثلاثين يوماً .. والمخالف تحجز دراجته ويغرم بموجب القانون . وفي ختام حديثه أكد الجنابي بأن مديرية المرور العامة حريصة كل الحرص على توفير الراحة لعموم المواطنين لاسيما العوائل العراقية وطالب الشباب سائقي الدراجات باحترام مشاعر المواطنين وخصوصياتهم وشدد على ضرورة تنفيذ القوانين وبشكل صارم على كل من ينتهك حرمة الشارع العراقي والمواطن من خلال القيادة غير الصحيحة سواء للدراجة أم العجلة …