عبد الرسول الاسدي
الجزء الأول
لم يمر على إنعقاد مؤتمر مكافحة الفساد الذي أقامته الأمم المتحدة لمناسبة مرور عقدين على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حتى كانت بغداد على موعد مع مؤتمر موسع رعاه رئيس الوزراء السوداني لمكافحة الفساد والذي يعتبر أكبر فعالية لمكافحة الفساد منذ أعوام .
ولعل الأهم في الموضوع ليس إنعقاد مؤتمر بهذا العنوان الواضح أو حجم المشاركة الرسمية من قبل أرفع السلطات في الدولة ممثلة برئيس الوزراء بل لعلمنا أن رئيس الوزراء لا يتحدث بلغة الشعارات بل يسعى فعلا لإرساء قواعد واقعية لكل خطواته الحثيثة بإتجاه إنقاذ الدولة العراقية من المشكلات التي تعانيها وفي الطليعة منها آفة الفساد .
ومثلما دعا الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر المنظمة الدولية لمكافحة الفساد
( جميع الأطراف إلى إغتنام هذه الفرصة لتعزيز التعاون الدولي لمنع الفساد وكشفه ومحاكمته بالشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص) فان رئيس الوزراء السوداني وضع قواعد واضحة للتعامل مع هذه الآفة ولم يترك الأمر سائبا أو مقتصرا على التدابير الشكلية .
التوصيات السبعة التي خرج بها مؤتمر مكافحة الفساد في العراق كانت واضحة في مخرجاتها التي تصب فعلا في زلزلة عروش الفاسدين مهما كانوا متمترسين خلف الأداء الوظيفي أو العناوين المختلفة الأخرى . ثم أنها تسهم في مد جسور الثقة مع المواطن من خلال البدء من الأعلى وليس الأدنى كما اعتدنا ذلك في الفترات السابقة حين يتم الحديث عن الفساد ويطاح بصغار المتورطين وتغلق الملفات أو يتم التغافل عنها . ولنقف عند التوصية الأولى التي تقول :
(الإسراع في حسم وإنجاز الإخبارات والشكاوى والدعاوى الجزائية ضمن المدد المحددة قانوناً، وخصوصاً القضايا المتعلقة بالرأي العام ومبالغ الفساد الكبيرة، وكبار موظفي الدولة؛ بغية فرض الجزاء القانوني بحق المدانين وتعزيز الثقة في إجراءات المساءلة والمحاسبة لضمان تحقيق الردع العام.)
وهي كافية لتوضيح المساحة التي يتحرك بها رئيس الوزراء وفريقه في مكافحة الفساد والتي تخطت توقعات حتى أكثر المتفائلين وتبدأ من تحريك المياه الراكدة بإتجاه ملفات الفساد الكبرى ومحاسبة من تشير اليهم أصابع الإتهام من كبار المتورطين ما يعني عمليا أن الحرب ضد الفساد قد بدأت أشواطها الأولى بقيادة السوداني وستكون ضارية لكن المنتصر فيها في النهاية هو الشعب .