عبد الرسول الاسدي
يوما ما قبل عقود من الآن كان العراق يزدحم بالمعامل والورش الصناعية التي تقدم للمواطن العراقي جل ما يحتاج اليه من ملابس وأدوات وسجاد ومنتجات غذائية ومنظفات ومواد منزلية وحلويات وغيرها كثير .
إلا أن الواقع الصناعي في البلاد تراجع خلال أعوام الحصار ماقبل 2003 وما بعدها وأصبحت ماركة صنع في العراق نادرة أو ليست محط إهتمام المواطن لأن منافسيها أقوى وأسعارهم مناسبة والإنتاج المحلي بات شحيحا للغاية .
في الأعوام الأخيرة بتنا نشهد نموا مضطردا في تداول هذا المفهوم في الإعلام لكن ترجمته على أرض الواقع ظلت متارجحة بين الشعار والتطبيق حتى جاءت حكومة الأستاذ محمد شياع السوداني التي أخذت على عاتقها الشروع بهدوء وتروي وبخطط ستراتيجية وواعدة على إعادة إنهاض الصناعة المحلية من كبوتها والإسهام بشكل كبير في إحداث ثورة نوعية في عالم المكائن التي زحف عليها الصدا والإهمال .
فضمن البرنامج الطموح لحكومة السوداني والرامي لتوطين الصناعة الدوائية في البلاد اكد رئيس الوزراء على أهمية ان تعود صنع في العراق الى الواجهة وهي طبعا تستحق ذلك وبفخر بدليل ان كل الصناعات المحلية كانت تحظى بثقة المواطن الكبيرة بل وتتميز على مثيلاتها المستوردة بالجودة والمتانة وملائمة الحاجة والذائقة المحلية .
ولعل التركيز على الصناعة الدوائية في البلاد يفتح الباب أمام زيادة مضطردة في هذه المشاريع المهمة التي تمس حياة العراقيين لان الدواء يكون أحيانا أهم من الغذاء لأنه يمس الصحة العامة للإنسان .
إفتتاح مصانع متخصصة في الصناعات الدوائية يضع العراق على بداية تحقيق الأمن العلاجي بعد أعوام طويلة من الإعتماد على الأدوية المستوردة من الخارج حتى أبسط أنواعها ومواصفاتها. ولعل ما يثلج الصدر ان الدعم الحكومي لهذه الصناعة قد تجلى في أنساق متعددة وهو ما كشفه رئيس الحكومة في حديثه لدى إفتتاح مصنعي المنصور والمستقبل، المتخصصين بالصناعات الدوائية ان جميع العلاجات التي تخص الأمراض المزمنة سيتم توفيرها محليا قبل منتصف العام المقبل في خطوة تعزز الشعور بالإعتزاز بالصناعة الدوائية المحلية والإحساس بالأمان لان بلدنا بخير وصناعتنا بعافية وهي تتقدم في الطريق الصحيح من أجل أن تكو الرافد الأهم في إقتصادنا المحلي .