حاوره / كريم هاشم العبودي
عرفته منذ سنوات خلت .. متمرد .. ومشاكس .. وعاشق .. لا يجامل .. وغالبا ما رأيته يضع النقاط .. فوق الحروف .. لهموم بلده .. له فراشة جميلة ألالوان .. في حديقة منزله المعطر .. ويوميا يتفقدها .. ويسمعها .. أحلى كلمات ألحب .. والغزل ..ورغم انها لا تفهم ما يقول هذا الشاعر الرومانسي الحالم بغد أفضل للعراق الذي يعشقه بجنون .. الا تلك ألفراشة .. تكون سعيدة بوجوده .. فتراها .. تداعب بكل ثقة .. وجهه .. وكتفيه .. انه الشاعر العراقي القدير هيثم ألطيب .. والذي كان لنا معه هذا الحوار :
من يكون هيثم الطيب ؟
– من الصعب الحديث عن نفسي .. فهناك مقولة لديستوفسكي يقول فيها ( لايمكن ان يكون هناك سيرة ذاتية صحيحة لان الانسان يكذب دائما حين يتحدث عن نفسه ) .. لذلك ساقول بانني كنت وما زلت ابحث عن كل ما يدعم انسانيتي في هذا العالم واكون انسانا قبل كل شيء .
قصة تكويني ؟
• ماذا عن طفولتك وهل أسهمت بصقل موهبتك القصصية وألشعرية ؟
– كنت ارى والدي سعيدا .. وهو يراني اقرا الصحيفة التي يجلبها يوميا معه عندما يعود من العمل ، بل انه كان يتفاخر امام اصحابه بان ولده الصغير اصبح يقرأ .. وهكذا استمرت الحال فقرات ما تيسر لدينا من كتب .. واحببت الادب وتحديدا القصة ولعلي اذكر باني كنت احاكي ما يكتب في مجلتي والمزمار.. فاكتب مثلها ولهما الفضل في طفولتي كثيرا واعتقد انهما اسهما في تكويني .
• الشعر احد الفنون فالشاعر يفرغ فيه همومه ….الامه واماله …. احلامه .كيف ينظر هيثم الطيب الى واقع الشعر والقصة في العراق اليوم ؟
– اشعر بالغرابة بعض الاحيان لهذا الكم الهائل من الناس الذين يدعون كتابة الشعر .. واظن ان مبدا الاستسهال هذا متاتي من قضية النثر الملاصقة للشعر ولكنهم بعيدون .. كما ارى عن النثر وجمالياته وارتباطه بالشعر ، اعتقد شخصيا بان على الذي يكتب قصيدة النثر ان يكون واعيا لهذه القضية ، وكذلك قارئا جيدا للشعر في العراق وفي العالم ، الاطلاع على تجارب العالم مهمة وضرورية لمن يكتب ، وكذلك ثقافته وسعة اطلاعه .. ولا اظن بان البعض باستطاعته ذلك مادام يجد فضاءا افتراضيا وجمهورا مجاملا يصفق له افتراضيا هو الاخر .
• بمن تأثرت من الشعراء وكتاب القصة في العراق .. وهل أضافوا لك أشياء كنت تجهلها ؟
– في الشعر تاثرت ايما تاثير بالسياب ، فهو شاعر فذ واعتبره مثلي الاعلى في أي حركة تجديدية ، وكذلك فاضل العزاوي وسركون بولص ، وفي القصة فؤاد التكرلي ومهدي عيسى الصقر ، لكن كل هؤلاء لم يضيفوا لي شيئا لاني اردت ان اختط لي طريقا لوحدي ، هذا لايعني باني لم اتابع الاخرين شعريا وقصصيا بل اني قارىء نهم ومتابع جيد لكل الاجيال التي ظهرت على الساحة الثقافية ولي مع بعضهم صداقات متينة .. واحتفظ كذلك في مكتبتي باصداراتهم التي اضع عليها بعض الملاحظات ومازلت كذلك الى غاية هذه اللحظة .
• هل تشعر ان واقعنا الحالي بدأ يسحب بساط ألشعر الى دوامة قلقة لا تبشر بخير وما ألاسباب ؟
– الشعر يمر بمرحلة انتقالية لايستوعبها من يكتبون الشعر سواء كانوا من الاجيال السابقة ام الحاليين ، انه يواكب التطور التكنلوجي السريع الذي غزا العالم ، ليس هناك من قلق بشان التغييرات التي تطاله ، فقد حدث هذا الامر سابقا في الستينات من القرن المنصرم ..
• هل تشاركني ألرأي بان الرواية العراقية ما تزال في سن الطفولة وتتخبط في بحر متلاطم ألامواج باحثة عن هويتها ؟
– اعتقد بان هذا الراي فيه الكثير من التجني لاني ارى واقعا مختلفا ، فالرواية العراقية اخذت الان مساحة اكبر عربيا وعالميا واسهم الروائيون العراقيون في وضع بصمة واضحة عليها ولعل حصولهم على المركز الاولى في الجوائز الابداعية العربية خير مثال على ذلك بالاضافة الى تزيع اعمالهم على مساحة الوطن العربي مما جعل منهم اسماء تذكر مع مصاف الروائيين العرب الكبار ورغم ان عمر الرواية في العراق قصير نسبيا الا انها امتلكت الان هويتها العراقية كما ارى
• أجمل قصة حب عاشها هيثم الطيب ؟
– الحب مفردة مهمة قد تنصرف لاول وهلة الى المرأة ، ولكني قد اختلف عن الاخرين في ذلك فاجمل قصة حب عشتها وبدون مبالغة كانت مع الكتاب .. ومازالت ، فانا اعشقه وابحث عنه بشغف وكذلك اعشق كتبي ، لاني ابذل جهدا كبيرا فيها ،احب الادب بكل اصنافه والكتابة ايضا .. فانا اعتقد بانها سر ديمومة العقل.
• كيف تجد واقع ألشعر والقصة اليوم في العراق .. ؟
– اجد بان الواقع يتطور حتما ، وان هناك من يحملهما كقضية يؤمن بها ورسالة يجب ان يؤديها باخلاص ، علينا التعامل بايجابية مع الامر في هذا الصدد وننظر الى المنجز الابداعي بتجرد وموضوعية ونشخص مواطن الجمال فيه ..
• أحرج موقف وأطرف موقف مر بحياة هيثم الطيب ؟
– المواقف المحرجة والطريفة التي تمر في حياتك كانسان يكون من الصعب عليك تذكرها عندما تسال عن ذلك ولكنها تمر على اية حال ولا تخلو حياتنا منها !!
• أشعر في داخلك جروحا وذكريات مؤلمة من ألصعب أن تندمل فهل لنا أن نعرف تلك الجروح والذكريات ؟
– ربما من الصعب التخلي عن ذكرياتك او الامك او احزانك فهي التي اعطتك هذا الحس الانساني في التعامل مع الكلمات واقوى هذه الجروح هي الفقدان وما يتركه من ذكريات مؤلمة ولعل العلامة الابرز هي فقدان الاب ، ومن ثم الاخ .. ومن ثم الام .. فهل هناك من مرهم يعالج هذي الجروح ؟
• كان للشعر العراقي نكهته الخاصة بين الفنون الادبية … برأيك .. ما شروط الشاعر كي يصبح شاعرا مؤثرا لدى المتلقي ؟
– ان يكون كما هو من دون ان يتصنع الكلام ,, وان يكتب كما يريد وكما يشعر ، ان يكون انسانا جميلا ورقيقا واميرا ونبيلا وسيكون شاعرا يستطيع المتلقي ان يشعر بكلماته وبما يريد ان يقول ..
– هل تعتقد ان فن الرواية . سيغطي على فن الشعر في المستقبل القريب .. ولماذا ؟
– الرواية شيء والشعر شيء ثان ولكل منهما طريقه ومستقبله في تطور الاجناس الادبية ، انا ارى بان الرواية لم تعد تلك الرواية الكلاسيكية التي قراناها بل اصبحت تميل الى الاختزال وتكثيف الافكار .. وكذلك الشعر .. وأنا اعتقد بان مستقبله قصيدة اللحظة التي اكتبها واروج لها , لا جنس سيطغى على الاخر انهما منسجمان ومنفصلان.
• ما هي مشاريع هيثم الطيب ألشعرية والادبية في قوادم ألايام ؟
– مشاريعي تتنوع بين الرواية التي اكتبها وهي على وشك النهاية .. ومن ناحية ألشعر .. فلدي مجموعة قصائد لحظة جديدة وبين المجموعة القصصية الجديدة التي اراجعها الان لغرض دفعها الى المطبعة .. وربما ايضا البحث عن افكار جديدة للكتابة .