عبد الرسول الاسدي
(الأفكار كالأسلحة تتبدل بتبدل الأيام .. والذي يريد أن يبقى على رأيه هو كمن يريد أن يحارب سلاح ناري بسلاح عنتره بن شداد)
علي الوردي
عمليا لا يمكن أن ننكر حقيقة أن كل شيء قابل للتغير وإعادة التشكل إلا المبادئ التي تمسكنا بها منذ إنطلاقتنا الأولى في ماراثون الشرق العتيد لنؤسس لإعلام مغاير قادر على التماهي مع حاجات المجتمع والدفاع عنه .لكنا لم نفق عند هذا الحد بل سعينا قدر الإمكان للتمسك بمنصة الشرف الإعلامي وصياغة ديباجة مواثيق شرف كثيرة مع الصحف الزميلة في بواكير التغيير بعد عام 2004 .
وإذا كان تدوين أخلاقيــات العمـل الإعلامــي ومواثيــق الشـرف وقواعــد الســلوك المهنيــة قد بدأ للمرة الأولى فـي بدايـة العشـرينات مـن القـرن الماضـي فان هناك اليوم اقل مـن ٥٠ دولـة فقط من بين ٢٠٠ دولة في العالم لديها نظم متطـورة فـي الإتصال الجمـاهيري ذات مواثيــق لأخلاقيــات المهنــة تــؤثر بشــكل فعــال علــى القــائمين بالإتصال ،أو تحمــي التدفق الحر الإعلامي.فالإنسان كـــائن حــي عقلانـــي وأخلاقــي وان أخلاقياتــه تحـــدد لــه مـــا يجــب عليـــه المحافظـة عليـه وفـق القـانون، فلكـل مهنـة أخلاقياتهـا التـي لابـد مـن الإلتزام بهـا،والإعلام كمهنة يقوم على أسس من الأخلاق واجب التحلي بها لكل فرد يمتهنها،فقبل أن نتطرق إلى أخلاقيات المهنة يجب أن نتعـرف أولا علـى القضـايا التـي تمـس الإعلام والتي يجب أن يتمسك الإعلامي أخلاق مهنته اتجاهها مثـل : السـلطة والواجـب،الحرية والمسؤولية والحقيقة ، والتعددية ، الإختلاف ،الصـالح العـام، وإحتــرام الآخـر وهـي مفــاهيم فلسـفية، مـن الصــعب تجاوزهـا حــين نتطرق إلى قضايا الإعلام.
كل هذه الثوابت تمكننا من الإجابة عن تساؤلات كثيرا ما نجدها تطرح علينا من قبيل : لماذا نتمسك بهذا الخيار دون ذلك ؟
تبــرز أهميــة الصــحافة فــي تلــك الرســالة التنويريــة والتثقيفيــة التــي تنمــي وعــي الإنســان بمجريــات الأمــور فــي عصــره وتحــافظ علــى فكــره مــن التشــتت والضــياع والتحجـــر، ورســـالة رفيعـــة مـــن هـــذا الطـــراز لابـــد أن تكـــون لهـــا مـــن المواصـــفات
والخصائص ما يجعلها تحافظ على هذه الرفعة.
والشرق كانت وما تزال متمسكة بهذا النهج الأنيق من القدرة المتناهية على التعبير عن خلجات الجمهور مع المحافظة على الحد المقبول من التواصل بشرف ومهنية وبكامل التسلح بأخلاق المهنة.