د. محمد ضباشه
يعد صوم رمضان ركن من أركان الإسلام الخمس فرض على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة بعد نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان معلنا صيام شهر رمضان بقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ……… ويذكر أن النبى صام رمضان لتسع سنوات متتالية حتى توفاه الله.
والصيام لغة يراد به الإمساك عن الشيء ويقال صام فلان عن الكلام أي أمتنع عنه أما الصيام شرعا هو الإمساك عن المفطرات وما يصل عمدا إلى الجوف والاستقاءة و الجماع والإنزال والسكر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، أما في معنى رمضان فيقول الإمام الواحدي سبب تسميته بهذا الاسم ما ورد قولا عن الأصمعي عن أبي عمرو أن كلمة رمضان مشتقة من الرمض وهي حجارة شديدة الحرارة تستمد حرارتها من الشمس ولذلك سمي رمضان لأنه وجب على المسلمين في شدة حرارة الشمس .
ويؤكد مصطفى صادق الرافعي أن فلسفة الصيام تتمثل في الفقر الإجباري الذي يراد به إشعار النفس الانسانية أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها ، وأنها انما تكون على أتمها حين يتساوى الناس في الشعور لا يختلفون وحين يتعاطون بإحساس الالم الواحد لا حين يتنازعون باحساس الأهواء المتعددة ومن هنا يتناول الصوم النفس البشرية ب التهذيب والتأديب والتدريب ويجعل الناس فيه سواء .
ولهذا نجد الصوم في الشريعة الاسلامية ليس جوعا أو عطشا وليس فلسفة تؤدي إلى خرق العادة ولا إلى تعذيب النفس البشرية ولا يمت بصلة إلى نظرية اللذة في الألم ولكنه امتناع عن الطعام والشراب والجماع وحفظ اللسان والعين والجوارح مع النية بشروط منضبطة وأركان معلومة وله مقاصده العظيمة التي تعمل على بناء الفرد والأسرة والمجتمع وحثهم على قيم الرشد وتعاليم السماء ومنهج الفضيلة بعيدا عن مظاهر السرف ومفاهيم التضييق .
ويرى الإمام الغزالي رحمة الله عليه أن آداب الصيام يرد النفس إلى القليل الكافي ويصدها عن الكثير المؤذي ولعل أهم ثمرات الصوم إيتاء القدرة على الحياة مع الحرمان في صورة ما وشريعة الصوم هي حرمان الواجد ابتغاء ما عند الله من أجر وثواب فتحمل الفرد صياح بطنه ويرجئ اجابة رغبته مدخرا أجر صبره عند ربه عملا بقول الله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به .
وتأسيسا على ذلك يمكن إسقاط فلسفة الصوم وأهميتها وخاصة على الوضع الراهن في ظل جائحة وباء كورونا التي أصابت معظم دول العالم والظروف الاقتصادية الطاحنة التى تؤذى بسطاء الناس من قلة الموارد وشح العيش فنجد ان الصيام يهذب النفس ويبعدها عن الإسراف والمغالاة في أي أمر من أمور الحياة وأيضا هو رسالة للأغنياء للعمل على تقديم يد المساعدة للضعفاء والفقراء والمحتاجين كنوع من التكافل الإجتماعي ليس فى رمضان فقط بل لابد أن يمتد أثره إذا أدركنا مقاصده إلى بقية شهور العام وجعله فلسفة حياة تساهم في بناء الفرد والمجتمع ونكون أمة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا .