عبد الرسول الاسدي
لقاء السوداني بقادة البلاد السياسيين مؤشرا إيجابيا على ان الوقت قد حان لإنهاء السجال حول الموازنة التي طال إنتظارها، لكنه في ذات الوقت يفتح الباب للتكهن بأن ثمة عقد وخلافات كبيرة تعتريها لايمكن أن تحل إلا بالوقوف عندها وإحراز مرحلة متقدمة من التفاهم بشأنها بواقعية ودون الغاء أو قفز على الإستحقاقات أو غض النظر عن الحاجة الفعلية.
لكن في البداية يجب أن نعترف جميعا أن رئيس الوزراء يخوض معركة شرسة وصعبة لإنجاح برنامجه الحكومي الذي يضع الكثير من الإعتبارات الشعبية في الصدارة وبين تلبية مطالب قادة الكتل السياسية والنواب والمحافظين في تلبية مطالب جمهورهم.هذا المخاض العسير يذكرني بعبارة على لسان واحد من شخصيات نجيب محفوظ صاحب خان الخليلي وهو يقول:
( إذا سلمت منك نفسك فقد أديت حقها، وإذا سلم منك الخلق فقد أديت حقوقهم) والسلام الحقيقي يبدأ حين يعتقد الجميع ان هذه الموازنة تلبي طموح العراقيين بكل أطيافهم دون تحيز ولا إنصياع لإرادة طرف سياسي على حساب آخر .ولعل ما طرحه أحد السادة المحافظين من إشكالية تتعلق بالخدمة حين أعلن ان لا خدمات تتحقق دون مبالغ واقعية تكفل تلبية إحتياجات المحافظات يختصر جزء مهم من الحقيقة في وقت ترفع فيه الحكومة شعار الخدمة كمعيار لنجاحها من عدمه.
لنعترف سويا ان البحث والنقاش أخذ وقتا أكثر من اللازم في تأسيس المشهد السابق المكرر الذي ينتهي فيه نصف العام ونحن نخوض سجالات أكثرها سياسية لكن ما لايمكن أن نغض الطرف عنه أن الدولة لا تملك الأموال الطائلة التي تلبي بها كل الإحتياجات بقدرة قادر أو عصا ساحر.
فأسعار البترول تترنح لتؤشر ان الموازنة وضعت بأجواء متفائلة للغاية وان إعتماد سعر أكثر من سبعين دولارا للبرميل يعني المخاطرة بعجز غير متوقع وربما غير مسبوق على الإطلاق .
صحيح إن الكثير من أصحاب الإختصاص يطلقون على هذا العجز بالإفتراضي لأن الوقت المتبقي لن يكفل انفاق المبالغ المرصودة لكن إقرار أي موازنة بعجز واضح يؤشر على إخفاق واضح في تجنب المخاطر والمفاجات.
ان النقطة المحورية التي تدور حولها النقاشات اليوم هي حصص المحافظات من عائداتنا المالية لما تبقى من العام وللأعوام الثلاث المقبلة على حد سواء بإعتبار ان هذه الموازنة إستثنائية لأنها رسمت منحنى بياني لمشاريع ستعبر حاجز العام الواحد والعامين لتنفيذها.
نحن أمام إختبار صعب لإنجاح برنامج حكومة شارك بها الجميع وصار دعمها واجبا أخلاقيا ووطنيا فضلا عن انه خيار أوحد ولعل الإتفاق على الموازنة وسرعة إقرارها البرهان الأمثل على تلك الرغبة وكما قال نابليون:
( قلب رجل الدولة يجب أن يكون في رأسه )