تحقيق / علي صحن عبد العزيز
لا يختلف إثنان على أننا نحتاج إلى ثورة في الواقعية في الثقافة والأدب وكل ما يتعلق بهما لأنها الترمومتر الذي يقاس به الفكر الثقافي للمبدعين بشتى إبداعاتهم وتلك ديدن الحياة الثقافية الواعية في كل الدنيا ، فالواقعية في هذين العنصرين ليس كلمات منمقة جوفاء خالية من أية معنى أو دلالة وإنما هي إنعكاس متفاعل وإيجابي لحاجات وضرورات الواقع ومرآة المجتمع ، غير أن المثقف والكاتب والشاعر والروائي لابد لهم أن يكونان قريبين مما يحدث في المحيط الذي يعيشون فيه.
(جريدة الشرق) تناولت هذا الموضوع مع نخبة من الشعراء والأدباء والمفكرين والأديبات وطرحت عليهم هذا :هل تعتقد بأن الواقع الثقافي يعيش اليوم حالة من السطحية المكررة والمستهلكة ، ولم يواكب سرعة التحولات الأجتماعية التي يعيشها الواقع رغم الثقافات المتعددة والمتباينة ،وكانت هذه الآراء الواردة.
تعزيز الثقافة والوعي
د.علي لعيبي/ رئيس تحرير مجلة الآداب والفنون : الواقعية مدرسة مهمة في الثقافة والأدب لأنها إنعكاس إيجابي لحركة المجتمع بكل الإتجاهات ، ونحتاج إلى مثقفين وأدباء حقيقين يستطيعون أن يعبروا عن الواقع بشكل جمالي وثوري بعيدًا عن المجاملات والإنحياز الأيدلوجي والمناطقي ، وأن من يصور الواقع عليه أن يتقن فهم الواقع بتركيبته الإجتماعية والسكانية ، وكذا مستوى الثقافة والوعي.
التمرد على الواقع
د. غزاي درع الطائي/ شاعر وكاتب : تطفو على سطح الواقع الثقافي في العراق اليوم الكثير من علامات السطحية والتكرار والإستهلاك ومن عدم القدرة على مواكبة التحولات الإجتماعية السريعة، ولكن هذا في السطح فقط، وإذا أردت أن تعرف صورة الواقع الثقافي الحقيقية فعليك أن تكون منصفًا ، ولكي تكون كذلك عليك أن تغوص في الأعماق لأنها منشغلة بحركات فاعلة وإبداعات حقيقية متلاحقة وبإصدارات ونشاطات وحلقات دراسية فيها من الرصانة ما يجعل الحريصين على الأدب والثقافة وسمعتهما مسرورين بدرجة كبيرة.
بساطة الأدوات التقليدية
د. علاء كريم/ باحث وناقد : الحراك الثقافي يتجدد عبر عملية البحث عن تجارب جديدة مغايرة غير مستهلكة وهذا يتطلب بيئة صالحة لصناعة هذا الوعي الثقافي ، والذي يمكن له أن يستمر ويتواصل في ظل كل المتغيرات، والواقع الثقافي اليوم يعكس حضوره حسب مسميات الأمكنة والمؤسسات، فهناك مؤسسات نجحت في برنامجها الثقافي ، وأخرى فشلت والسبب وعي مثقفيها وبساطة أدواتهم التقليدية.
تراجع نحو الوراء
رند الأسود/ إعلامية وكاتبة : لا أعتقد
الواقعية في الأدب العربي والعراقي تحديداً بالمستوى المطلوب ، فمعظم الروايات العراقية مازالت متأثرة بكل المآسي التي مرت على هذا البلد مثل إحتلال العراق عام 2003 وما رافقته من أحداث، ولذا الواقعية العراقية وقفت عند هذه الأحداث ولم تتقدم إلى الأمام برغم أن بلدنا اليوم يمر بالعديد من الأزمات والأحداث.
مذاهب أخرى
عدنان كاظم السماوي/ باحث وكاتب : الواقع الثقافي الجاري في ظل التسارع المعرفي والفكروي والأتصالاتي مضطرب لعدم مواكبة الأدباء والمثقفين حركة التطورات المعرفية والفكروية المتسارعة ، وفي الربع الأول من القرن الحالي يدور الأدباء والمثقفين في حلقة القديم ولا يبارحوه إلى مذاهب ومدارس أدبية وفنية جديدة ، لضعف التواصل المعرفي والأبتعاد عن الكتاب الورقي الذي يمثل الخصوبة الذهنية والفكرية.
عامل التروي
رجب الشيخ/ رئيس المركز العراقي للثقافة والآداب : في رأي المتواضع أجد هناك العديد من الأقلام بمستوى الطموح ، ربما أن عامل الأستعجال أو ضعف الكتابة وما يؤول إليه المعنى بطريقة مختلفة تحتاج إلى التروي وطرح الأشياء التي نطمح إليها ، لذا كان الواجب تحديد الجيد من الردئ للأرتقاء بالكلمة الحقيقة والمتميزة على الأصعدة الثقافية والعمل بشكل جاد وحقيقي للوصول إلى أدب واقعي وواع.
توظيف النصوص
حسن البحار/ قاص وروائي : ترتكز الثقافة بشكل عام على أساسيات خاصة تعتمدها المؤسسات الداعمة والجادة في مشروعها الذي يساعد على تطوير المجتمع ، ومنها الدولة أولًا ثم المثقف الذي يشق حجاب الظلام لاضاءة صور الجمال ، ويمكن أيضًا توظيف النص في مجالات عديدة أهمها السرد توظيفًا يسمح للمؤلف التعميق في بحور خصائص التطور وتحولات الواقع السريعة ، وفي مسألة الثقافات المتعددة أرى إننا إلى الآن لم نصل قبول الآخر في عملية التلفظ بالواقعية تجاه تعبيره عن ثقافته الخاصة أو ما أكتسبها من مجتمعه أو تعلمه من مدارسه.
نظرة سلبية
إبتهال خلف الخياط/ شاعرة : من خلال متابعتي للكثير من الحوارات وقراءة الروايات والقصص أجد أنَّ المكتوب متشابه بغض النظر عن طريقة السرد لكن هل يدفع القارئ للتغيير؟ بصراحة لم أرى ذلك بل هي ربما سرديات تكشف لقراء في المستقبل ماحصل على هذه الأرض ناهيك عن الشعر والشعراء فلا يمكن أن يسمى الشخص شاعرًا إلا إذا كتب عن وطنه وشعبه ، أذن نظرتي سلبية حول واقع الثقافة والأدب وتأثيرهما على المجتمع العراقي.
تصحر أدبي وثقافي
ثامر الخفاجي/ شاعر : تردي الواقع الثقافي وسطحيته التي باتت أبرز سماته يتزامن مع التصحر الأدبي والثقافي الذي تعيشه الأوساط الأدبية والثقافية لأرتماء الكتاب والمثقفين في أحضان النظريات الغربية بأسم الحداثة، بسبب عدم قدرتهم على التعبير بلغتهم العربية وجهلهم لما تحمله من كنوز من المفردات التي تمكنهم من التعبير بها بواقعية تشد أواصر العلاقة بين الكاتب والمتلقي الذي غيبوه بترهات المفردات المطلسمة من نظرياتهم الغربية المستوردة.
ضياع المثقف العضوي
كاظم هلال البدري/ باحث : نرى بأن المثقف الآن لم يواكب هذا التطور ، وبقي يدور في ماض وسطحية لا يستطيع ان يقدم أي دفع أيجابي نحو مستقبل أفضل ، لأننا فقدنا المثقف العضوي الذي يؤثر في المجتمع ويغيره نحو الأفضل ، لقد ساد الآن المثقف السطحي الذي يساعد في تجهيل المجتمع ونشر الخرافات والأساطير.
الثقافة طريق التسلية
غرام الربيعي/ شاعرة وتشكيلية/عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق : آسفًا أقولها بحرقة كبيرة بأن واقع المشهد الثقافي لا يمثل كثيرًا الواقع الذي يجب أن يتناوله النص الأدبي ، وأن ما يتناول محاوره الجلسات والمؤتمرات والمقالات التي تتناسب وحجم التحولات الحاصلة وتحصل بشكل متسارع مع الأثر الذي يتركه ليحدث تغييرًا لهذا الواقع أجتماعيًا أو سياسيًا أو ثقافيًا سوى بعض التجارب والمحاولات الجادة والمؤثرة ، وهذا بسبب ترهل الأسماء والأعداد المحسوبة على المشهد ، وهي لا تمت للثقافة الحقيقة المطلوبة لتحقيق الهدف المطلوب وإنما أسماء موهومة بفكرة والمنجز والتي أتخذت الثقافة طريقًا للتسلية وقضاء وقت فراغها ، المشهد يحتاج لحراك جريء لتنقيته من نشاز المنجز والتي تتستر بما يسمى الحداثة
سقوط سلطة الرقيب
حسن الموسوي/ روائي : الواقع الثقافي العراقي يمر بمرحلة أنتقالية خصوصًا بعد التغيير السياسي الذي حصل عام 2003 وسقوط سلطة الرقيب ، لذلك برزت على الساحة أعمالًا أدبية رصينة عكست رؤية الكتاب لما يدور من حولهم ، وهذا يندرج ضمن رسالة الكاتب ، تلك الرسالة التي أستطاع كثير من الكتاب من أيصالها إلى المتلقي بمختلف الأجناس الأدبية ، وصحيح أننا في بلد متعدد القوميات والطوائف لكن العراق وهمومه كانت على رأس أولويات من كتبوا ومن رصدوا تلك الأحداث الجسام.
ضعف دور الأعلام
حميدة جاسم علي/ شاعرة وأديبة: أرى الثقافة والأدب ليست بمستوى الطموح المطلوب وكأنهما مغيبان بحكم سلبية الواقع وضعف القراءة لدى العامة وكذلك تعويمها وتهميشها من قبل الحكومة والمؤسسات المحسوبة على الثقافة وضعف دور الإعلام في إيصالها ، والواقع الثقافي والأدبي هو أنعكاس لحالة الواقع الراهن الذي يعيشه المجتمع ولا أرى فيه سطحية وتكرار وإنما حالة تماهي مع فوضى وسلبية الواقع.
الكتابة إلى الجمهور
مازن جميل المناف/ شاعر وأديب : يجب على الأديب أن يكتب للجمهور والأخير يجب أن يحاول فهم الأديب ونقده والتفاعل وأياه وأن يسعى ألى القضايا التي يطرحها , فالأدب والفكر ليس مجرد متعة روحية أو رحلة سيكولوجية توفر اللذة مثل الايفون أو الخمر و السجائر إنه إرفع أنواع الإمتاع الحي الذي ينبع من تصوير القضايا الإجتماعية والمشاكل البشرية الأساسية كمشكلة الحرية والخبز والجنس والشر والعقيدة والكفاح.
مسعى نحو التجديد
نور أحمد الدليمي/ أديبة وشاعرة : يشهد الواقع الثقافي في هذه الآونة تقدمًا ملحوظًا لمواكبة سرعة التحولات لا سيما في العديد من المجالات وإن كان متأخرا قليلًا ، إلا إنه يسعى دائمًا للتجديد لإن سرعة التحولات الأجتماعية تتأثر بالنُظُم الثقافية ليتكيف المجتمع معها ويكون على دراية تامة بما يدور حوله من تطورات من خلال وعي وفكر في واقع الحياة الثقافية وتفاعل إيجابي.
معطيات مطروحة
شيماء عقيل هادي/ كاتبة وأعلامية: ربما أكثر ما يضيق الخناق على قلم الكاتب هو الحدود المفروضة عليه ، فهنالك العديد من الخطوط الحمراء التي يصعب تجاوزها أو حتى المساس بها مثل الدين والسياسة والأعراف المجتمعية ، ولذلك يبتعد العديد من الكتاب عن طرح وتناول مثل تلك المواضيع بحرية مطلقة.
تصوير الواقع
كاظم الشويلي/ ناشر وروائي : بالفعل يعيش العالم الثقافي تكرار المستهلك وتسطيح المشهد، لكن هذا لا ينفي عدم وجود تصوير الواقع وأيجاد المعالجات له، ولهذا نرى أن المنجز في الواقع الثقافي يواكب التحولات الأجتماعية ويصنع محاكاة له والعمل على تكييف هذه الأنتقالات التي يمر بها واقعنا، وممكن أيضًا كشف ذلك من خلال التنوع في وسائل الأعلام والفنون المختلفة.
صراعات متعددة
منور ملا حسون/أديبة وشاعرة : للثقافة مفاهيم يشكلها الوعي الأنساني ، لكن هناك أفكار ترفض كل ما هو جديد فيظهر التضاد الذي يفرز الصراعات الثقافية والفوقية بين المثقفين والأدباء، ليخلق فجوة كبيرة بينهم رغم حرية الفكر والتعبير فيشعر الأديب بالإحباط أمام تلك الثقافات المحبطة للهمم.