عمر سعد سلمان
يعتبر العراق من الدول المنتجة للتمور واحتل المركز الخامس عالمياً بعد مصر وإيران والجزائر والسعودية حسب التصنيفات الدولية بإنتاج قدره 662 ألف طن سنوياً. ويمتلك العراق إمكانيات واعدة للتوسع في زراعة النخيل وتحسين الأصناف المزروعة، خصوصاً وان التمور تحمل رمزية ثقافية لدى المواطن العراقي، كما ان العراق يحتاج الى تنويع مصادر دخله الوطني الذي يعتمد على النفط بنسبة 95%. ويحتاج العراق الى استثمارات ضخمة في مجال التمور لغرض زراعة الأصناف الممتازة واستخدام التقنيات الحديثة في تصنيع التمور وتطوير أساليب التغليف والتسويق.
يعد التوجه نحو الصناعات الحديثة القائمة على التمور مطلباً اساسياً لكي تصبح منتجاً عالمياً يدعم الاقتصاد الوطني والاستفادة منها في الصناعات الغذائية كبديل للمستورد واضافتها الى كثير من المنتجات بديلاً عن السكر كما في صناعات الالبان والمعجنات والمربيات والمياه الغازية والحلويات ويتم ذلك بتحويل التمور الى منتجات مصنعة ذات قيمة اقتصادية مرتفعة، وعلى رأس هذه المنتجات مربى التمر التي يتم صناعتها عبر خلط السكر مع التمر بنسبة متساوية ثم تسخينها وفق معاملات حرارية معنية حسب المعمل. وتضاف اليه الفراولة لغرض تقليل اضرار عملية التسخين وتحسين نكهة المربى.
كما يدخل التمر في صناعة الحلوى التي هي مواد سكرية بالأساس والتمر غني بالسكريات، ويمكن استخدامه في صناعة التوفي وقمر الدين وخل التمر والتي تعتبر صناعات متوسطة من ناحية رأس المال والتي يمكن ادارتها بسهولة، اما الصناعة الأكبر فهي صناعة شوكولاتة التمر وخميرة الخبز ومسحوق التمر سريع الذوبان الذي يستخدم كغذاء للأطفال والذي يكون مدعوم ببعض أنواع دقيق الحبوب الغنية بالبروتين والدهون مثل دقيق فول الصويا. واخيراً فأن الفضلات الناتجة كالنوى والالياف والقشور فيستفاد منها في صناعة الاعلاف بعد مزجها وتجفيفها وطحنها.
وتواجه صناعة التمور في العراق تحديات كبيرة تتمثل بعدم وجود نظام تشغيل مرن يمكن للمزارعين وأصحاب المصانع من خلاله تشغيل العمال بشكل موسمي مما يؤدي الى ارتفاع تكاليف الإنتاج. وتعاني صناعة التمور من صعوبة الاستفادة من الخبرات العلمية المحلية بهذا المجال والتي اغلبها غير موثقة. كما ان ضعف برامج الارشاد الزراعي ونقص المعلومات المتاحة للمنتجين والمصنعين والمسوقين وعدم نقل مشاكلهم الى مراكز البحوث والجامعات لإيجاد الحلول المناسبة لهم.
ونتيجة للإصابات الحشرية والفطرية لأشجار النخيل وسوء النقل والتخزين فان نسبة الفاقد في التمور المنتجة ترتفع وبالتالي تزداد كلفة الإنتاج، ولعل تفاوت الإنتاج والجودة للتمور من موسم لآخر يضعها تحت ضغط تذبذب الأسعار. وبسبب عدم وجود قوانين وتشريعات واضحة تنظم صناعة التمور فان المصانع الكبيرة تقع تحت منافسة شديدة مع المصانع الصغيرة وبالتالي لا يمكن تطوير صناعة تمور ذات انتاج كثيف. وان عزوف بعض المسوقين عن المشاركة في المعارض الدولية للتعريف بالتمور العراقية وعدم وضوح الرؤية حول حجم السوق المستهدف خارجياً.
وتبرز الحاجة الى وجود تشريعات صارمة تحد من استيراد المنتجات الغذائية (الخل/ المربى/الدبس) للحد من اغراق السوق المحلي بهذه المنتجات والتي تسبب ضغطاً كبيراً على الصناعة الوطنية المتعلقة بالتمور. الى جانب ضرورة تسهيل الإجراءات المتعلقة بالتصدير مثل شهادة المنشأ والتخليص الكمركي والشهادة الصحية. واخيراً فأن معالجة النقص الحاد في المعلومات المتعلقة بالأسواق الخارجية وحجم الطلب عليها والاصناف والاحجام وطرق التغليف المرغوبة والاشتراطات الصحية والمواصفات وغيرها من المعلومات، يعتبر ضرورة ومسؤولية مجتمعية ولا تكفي المبادرات والتجارب الفردية في معالجة الخلل خصوصاً اننا نعيش في عالم شديد المنافسة ويعتمد على الزراعة والإنتاج الكثيف.