نازك مسوح
لا شيءَ حولي يوحي بالثَّباتْ،
لاشيءْ..
الفوضى سيِّدةُ الموقفْ،
كأنَّ رحى الطّاحونِ تدورُ بي..
وتدورُ معها مناجلُ الوقتِ لتحصدَ سنابلَ الرُّوحْ،
وعلى سفوحِ الجبالِ المثقلةِ كواهلُها بالعطرِ تارةً ،
وبالحمَّى حيناً تستيقظُ ينابيعُ الأملِ والألمْ ..
بحارٌ متلاطمةُ الأمواجْ ، وسفينةٌ ربَّانُها متقلِّبُ المزاجْ…
وهناكَ على أكتافِ الغاباتِ أشجارٌ تصطَفُّ كالجنودِ بأوسمَتها البرَّاقةْ، تعلنُ بدايةَ معركةٍ تُعرَفُ نهايَتُها..
وأمَّا الطُّيورُ..الفراشاتُ..الأقمارُ.النجومُ والأنهارُ..
فكلُّها في صيرورةٍ دائمةْ..
لعلِّي أنا الشَّيءُ الوحيدُ الثَّابتُ في المشهَدْ..
هكذا..
عيوني غائرةٌ في محاجِرِها ، وعروقِي خاويةُ الدماءْ، وقلبي لم يعدْ يعنيهِ الخفقانْ، حتَّى أطرافي بدَت كأغصانِ شجرةِ تينٍ يابسةْ، انحنتْ أمامَ مِعولِ الحطَّابْ!
ومن بعيدٍ امرأةٌ جبَّارةٌعاتيةٌرأيتُها بكلِّ فصولِها أومَأت إليّْ:
أن هلمِّي أيَّتها الشقيَّةُ ﻻيليقُ بكِ القنوطْ !
انفضي عن جسدِكِ الغَضِّ غبارَ الركودْ..
وفجأةْ..
يتناهى إلى أذني صوتُ أمِّي الحنونْ،وقد مسَت يَدُها الحانيةُ شعريَ العشوائيّْ، وهي تقولْ:استيقظي يابنتي ، فالوسادةُ ناءَتْ بحملِ رأسكِ المثقلِ بالأحلامِ ، وقهوةُ الصَّباحِ ملَّتِ انتظارَكِ..