تحقيق / علي صحن عبد العزيز
كثيرة المناسبات التي تُعنى بالأدب والمعرفة والثقافة ، لكن يبقى المؤتمر العام لليونسكو، خلال دورته الثلاثين المنعقدة في باريس عام 1999، ولأول مرة، يوم 21 مارس/آذار اليوم العالمي للشعر فرصة تهدف دعم التنوع اللغوي، ومنح اللغات المهددة بالأندثار فرص أكثر لأستخدامها في التعبير ، ويعتبر اليوم العالمي للشعر فرصة لتكريم الشعراء ولإحياء التقليد الشفهي للأمسيات الشعرية ، وكذلك هي مناسبة للتذكير بأن الشعر يشترك بها ثلاثة عناصر مهمة النص والشاعر والقارئ، وفي هذه الإستطلاع نود معرفة ما يدور في خلجات الشعراء والشاعرات من مسارات جديدة شأنها ردم الهوة الكبيرة بين الشعر والمتلقي لغرض تجديد العلاقة معه على أعتبار أن لغة الشعر تمثل جزء من التكوين الثقافي والمعرفي بين الشعوب والحضارات.
الأرتقاء بالذائقة
الدكتور سعد ياسين يوسف / باحث أكاديمي وشاعر : في يوم الشعر العالمي علينا أن نسعى لترصين الشعر، إذ لابد من رؤية فلسفية تجسد رؤية الشاعر عبر النص الشعري، الشعر الحقيقي يولد من رحم الرؤية الفلسفية، وشاعر بلا رؤية فلسفية لمفاهيم مهمة كالحياة والموت والحب، والجمال ، والغربة والضياع والفقد لا يمكن أن يكون شاعراً حقيقياً أو مؤثراً على الشاعر جذب المتلقي ودعوته لإعمال فكرهِ في ما يقوله وبالمقابل فأن الإيغال في الرمز وغلق كلّ الأبواب والنوافذ بوجه المتلقي أمر يقتل العلاقة بين الشاعر والمتلقي ،ففي الوقت الذي يجب أن نرتقي فيه بذائقة المتلقي ونحرك فيه ساكناً عبر الرمز والبناء الصوري للقصيدة لابد أن نمنحه بعض المفاتيح للوصول إلى جماليات النص وصولاً إلى نشوة الأكتشاف ،تحية للشعراء في يومهم العالمي متمنياً أن تكون قصائدهم رسائل سلام.
أحياء الشعر العمودي
الدكتور والشاعر فريد مسعود التميمي :الفجوة اليوم كبيرة بين الشعر والمتلقي وتحديدًا الشعر العمودي ولتقليص هذه الفجوة يجب تدخل الأعلام وإحياء الشعر العمودي والتذكير به لكي لا يميل ألى الأنقراض والذبول كالذي يحصل في الأغنية الحديثة والتي طغت على المقام العراقي ، كما
وأيضًا على الإتحاد العام للأدباء إقامة المهرجانات الشعرية وبشكل دوري للعامة وغير مقتصر على النخبة.
تأجيج أسرار الإبداع
د. غزاي درع الطائي/ شاعر وكاتب :الشعر بكل
مدارسه وأتجاهاته وتياراته وأشكاله، قديمه ووسيطه وحديثه، هو رسالة خير ينقلها الشرق للغرب وبالعكس ، والشمال إلى الجنوب والجنوب إلى الشمال، ووسيلة حوار ممكنة بل ومطلوبة بين الثقافات من أقصى المعمورة إلى أقصاها، إنَّه تجديد للغة وتطوير لها وأكتشاف مناطقها التي لم يتم لحد الآن اكتشافها وخدمة لها لا يمكن إنكارها وعشق لها ليس له حدود، إنه ديواننا نحن العرب، ولقد كان الجاحظ دقيقا حين قال: (ما تكلمت به العرب من جيِّد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيِّد الموزون، فلم يُحفظ من المنثور عُشره ولا ضاع من الموزون عُشره)، نعم إنه ديواننا وهويتنا والعلامة الأولى في ثقافتنا الأصيلة، لغتنا فيه وبه تتنفس، وأحلامنا به وفيه تنتعش، وجلودنا فيه وبه ترتعش، ومشاعرنا على جنباته تسيح، وفيه يعلن الربيع أنبثاقه من بين الفصول، وتعلن أشجار المشمش اشتعالها بالقدّاح، ويعلن النخيل أنشقاق الطلع فيه، وتعلن أشجار التوت لأصحاب البساتين: هذا وقت التلذُّذ بالثمار الناضجة، واليوم يحضر كل الشعر وكل الشعراء الذين كتبوا تاريخ الشعر والشعراء، في تجمُّع تأريخي سنوي مهيب، ليقول بعضهم لبعض: لا تدعوا جذوة الشعر تخبو، أجِّجوا في الشعر أسرار الإبداع وجدِّدوا فيه البريق والتألُّق، وليكن الشعر جديدًا نديًا عطرًا دائمًا وفي كل الأحوال.

البنيان الشعري
نرجس حيدر عمران/ سورية: على أعتبار أن الشاعر هو إبن البيئة والحدث والموقف كسائر أبناء مجتمعه إلا أنه تفرد عنهم بموهبة ونعمة الصياغة والإلهام الشعري فمن الضروري أن تلازم قصائده الواقع، تحكي أماله وآلامه ومشاكله وأوجاعه ومن الضروري أن تعبر قصيدة الشاعر عن روح القارىء ومكنوناته وهذا سبب كبير جدًا يجعل القصيدة تنال إعجاب ورضى القارىء، لأنها لسان حاله ومن هنا يجب على الشاعر أن يكون ذكيًا في طرح المواضيع الشعرية والقضايا ليكون هو ناطقًا فعليًا بأسم العموم وشفاء لأرواحهم ليس في الحزن فقط بل بالفرح أيضًا ، وكلما أحسن الشاعر توظيف أدواته الشّعرية من كلمة وسبك وعمق ومعنى وصورة ولحن وإسلوب ونحو وصرف وغيرها وذلك بدعم الموهبة وصقلها بالدراسة والمطالعة والإطلاع على ثقافات أخرى لأن شعره بالتالي سيصل لثقافات أخرى وعبر مراحل زمينة مختلفة فالكلمة تخلد وتوأرخ تاريخًا ، ولذلك يجب أن تكون صادقة بعيدة عن التكلف سهلة غير معقدة فيسفر الإلهام هنا عن نص يعبر بشفافية عن الشاعر وعن بيئته وثقافتها عمومًا ، ونتيجة لذلك سيصل إلى أكبر شريحة من المجتمع وإلى المجتمعات الأخرى ، وخاصة في هذا العصر عصر التكنولوجيا والأتصالات والتقنية والعالم الأزرق والسوشل ميديا ، ومن أجل الوصول المحبب للكلمة ومن أجل أن تؤدي رسالتها بصدق ، يجب أن تكون أيضا مرنة مقولبة بقالب الحداثة الرشيق تواكب العصر على أن لا تخرج عن أصالتها وصدقها ، وبذلك تردم قدر المستطاع أي هوة بين الشعر ومتلقيه لأنه بدوره سمع ما عبر عنه فسوف يحبه ويتبناه ويفخر به، وبمزيد من الدعم والتشجيع والأستمرارية إن شاء الله نستمر في خلق أجيال خلاقة من الشعّراء والمثقفين ،ونحتفل بهم ومعهم في يوم الشعر العالمي ، وكل عام وأنتم جميعا بألف خير.

كشف جوانب
صفاء الدين البلداوي/ شاعر : النصُ الشعري هو الجسر الرابط بين الشاعر والمتلقي وبما أن الشعرَ مشتقٌ من الشعور والأحساس المتوهج من الشاعر الواعي المثقف ،عليه أن يدرك َان المتلقي (القارىء) على قدر من الوعي لكشف جوانب النص وابراز القيم الدلالية له والعناصر المؤثرة التي من شأنها أحداث انقلابًا واعيًا ًلفكر المتلقي مدركًا أن مهمته التغير لتفجير الطاقات وصناعة أجيال ٍ واعية كي لايكون الشاعر والشعر قضية ًللترف ليموت سريعًا دون تحقيق الهدف.

غياب التواصل
علي الشاعر/ كاتب وأعلامي :أعتقد أن الشعر واحة أن لم نقل عالم جميل لا ينحصر في يوم معين ، الأحتفاء بالشعر والشعراء لابد وأن يكون في كل وقت بأعتباره الزاد اليومي للأنسان ، وبما أن هناك حركة تجديد في الشعر وغياب التواصل بين الاجيال ترك هوة خلقتها الثقافات والتوجهات المختلفة والمتباينه بين الأجيال (شاعر) او (متلقي) ومن أجل القضاء على هذه الهوة علينا أن نعمل على تجديد العلاقة بين الأجيال الشعرية وتعميق الثقافة والأطلاع.

أستخراج الدلالات المعرفية
حسين عجيل الساعدي/ناقد وباحث:على الناقد
أن يمد الجسور بين القارئ والشاعر، حتى لا يضيع القارئ بين الشاعر والناقد، لإن هاجس الكتابة النقدية وجمالياتها تكمن في أستخراج الدلالات المعرفية والجمالية للنص، فالناقد يستكشف خبايا النص وفهم مكوناته، وتمفصلاته التي قد لا يدركها المتلقي العادي، لأن في داخل كل نص تتموضع فكرة فلسفية، أو فكرية، ولأجل الوصول إلى فهم هذه الفكرة، فهو يمارس إغواءاته على المتلقي ويجلبه إلى ساحته لا شعورياً.
تأثير الأنترنيت
ابراهيم قوريالي/ شاعر وأديب :أعتقد الردم موجود فعلاً والسبب الرئيسي هو عدم الأكتراث بالشعر والقصيدة بسبب مشغولية الكثيرين مع منصات التواصل الأجتماعي وعلى الشعراء أن يواكبوا عقلية المتذوقين للشعر من خلال قصائد واقعية وقريبة من معاناة الأغلبية وتجديد العلاقة وتحديثها لغوياً لتعود لعصره الذهبي إبان الستينات والسبعينات.

إختلاف المستويات الثقافية
حسين السياب/ شاعر : بما أنه لغة الشعر لغة عالية تربط وجدانية الشاعر وإحساسه داخل النص وما بين المتلقي، من خلال الصدى الذي يستشعره كاتب النص الشعري بعامة الناس بأختلاف مستوياتهم الثقافية، الكلمة هي مصدر هذا الإحساس والفكرة ومضمون القصيدة، وأنا كشاعر أحاول جاهدًا أن تكون كلماتي قريبة من الناس لتحرك فيهم الشجن وترتقي بهم إلى أسمى المعاني الإنسانية.

معطيات المرحلة الراهنة
مازن جميل المناف/ شاعر وأديب: لقد تولدت مفاهيم ومفترقات مغلوطة ومتناقضة ضمن جدليات التنافس المشروع في كل مناسبة شعرية تكون مملؤة بالشحنات والأرهاصات، التي لا تتلاءم مع أجسادنا المتعبة المتهالكة جعلت هنالك هوة بين الشاعر والمتلقي الحذق من جراء ذلك التخبط والفشل عند أغلب الشعراء، وأنت تشعر بالألم والحيرة بصورة أو بأخرى أنعكس سلبًا على النتاجات والحضور الشعري المترنح ولعل أول شيء يتبادر إلى أذهاننا وأذهان المتلقي أين الشعر من الخطابات الثورية الحماسية الموجه ضمن معطيات المرحلة الراهنة التي تغص بالوجع والخراب والحرمان والضياع ، والتي تعطي بعداً انسانياً عاماً، تدعو إلى بناء مرتكزات تجعلنا في كفة رابحة بمفهوم الثأر الشعري الذي يعي ويطرح قضايا اكثر تعقيدًا لا يتناقض بمفهوم وطن لربما يخلو من النسق المفتوح الذي ينصدم بالواقعية المثلى ، ويتجه نحو التكوين الثقافي بكل معطياته, ولا سيما أن الشِعر يعبر عن خلجات النفس الإنسانية وقضايا الواقع والوجود والبحث عن حلول لمشاكل التي عصفت الإنسان والخوض بمفاهيم أكثر أتساعًا تتضمن أستهجان العنف والتسامح الديني , ونبذ التعصب الذي يتطابق بياناته مع ذلك الصراع المحتدم يحمل قدرًا كبيرا من المسؤولية.

توظيف أدوات الشعر
زهيدة أبشر سعيد مهدي/ شاعرة/ السودان :الشعر هو اللغة الوحيدة الموحدة بين الأمم منذ القديم في العصر الجاهلي كان الشعر يعلق على أستار الكعبة حتى يتسنى لزوار الحفظ ونشر الشعر عصر المعلقات جاء الأسلام وأعتلى الشعر نواحي إيجابية في توظيف الشعر ألى المكارم ومدح المصطفى صل الله عليه وسلم ، هذب الشعراء بعض شعرهم من غزل مبتزل وخلافة الشعر على مر العصور يحتاجون ألى التلاقح مع الأجيال والشعوب لنشر الحكمة ورقي المشاعر وتهذيب النفس ونشر السلام وأعلاء الأسلام في فترة من الزمن قبل الأنترنت كان الشعر محصور بين الشعراء المتمكنين أرباب الصوالين الأدبية والذين يطبعون دواوين وينشرون ، أم البقية وإلى الآن يموتون وأبداعهم داخل الخزانات وداخل قلوبهم وعقولهم ، لكن مع الإنترنت بات الشعر يسري مسرى النار في الهشيم تتلاقح كلماتهم وتعبر المحيط والخليج بل كل العالم أصبح قرية تسنى لكل شخص يملك موهبة طرحها في العالم الرحب حيث يتلقى بعدد من النقاد والكتاب والمتذوقين ينشر شعره ويتلقى أشعار كل الشعراء في المعمورة توحد بعض الشعراء في نشر دواوين جماعية أو داوين عبر الأنترنت ، وكل هذا يصب في صالح جميع الشعراء المغمورين والمعروفين لأن الشعر بضاعــة أذا لم تستطيع عرضها ستبور.