عباس مالية
ان الضيافة من الفضائل الانسانية التي تأصلت عند الانسان العربي تأصيلا ثابتا ، فالمضياف الحقيقي هو من يقوم بواجب الضيافة من دون تردد ولا تفكير، فالكريم هو من يجود بكرمه وهو مسرور بما يقوم به فالأجواد يقدمون عطاياهم بسرور بالغ ، كما انهم لا ينتظرون شكرا من احد لقاء سخائهم لان المن يفسد ويسيء الى العطاء يقول امرؤ القيس :
افسدت بالمن ما أوتيت من نعم
ليس الكريم اذا أسدى بمنان
ولا يقاس الجود وقيمته بكمية ولا نوعية ما يقدم من طعام وانما يكون في بشاشة الوجه ، جاء في كتاب الاشباه والنظائر : ان من تمام الكرم عند العرب مضاحكة الضيف ومحادثته وطلاقة الوجه ولكننا عندما نحاول ان نقارن بين مدن العالم فلابد ان نرى تباينا كبيرا في مستويات الكرم والضيافة تبعا لطبيعة كل مجتمع وبشكل عام فان الضيافة عند العربي من الفضائل الاساسية وفي الشعر الجاهلي برزت الضيافة كاهم فضيلة ، وما من شك ايضا في حتمية عدم تشابه القيم والتقاليد فيما بين مدن العالم فمن الصعب جدا وجود مجتمع واحد متشابه في كل ما ذكرناه ، والاختلاف هذا اختلافٌ محمود فبدونه لا يمكننا ان نقدر بعضنا بعضا فباختلاف العادات والقيم نكون مثل الالوان التي تثير الانفعالات النفسية في الانسان ، وربما يحكم البعض منا على ان ثقافة اي مدينة في العالم تكون مرهونة بمدى تناغمها مع التقدم والتكنولوجيا وهذا الحكم حكم خالي من البعد الانساني فالتطور مهما كان وبأي درجة كان بدون قيمة حقيقية مالم يكن مصاحبا للفطرة الانسانية بعيدا عن التصنع والتكلف وهذا ما فعلته البصرة من هنا ومن كل ما سبق يمكننا القول ان البصرة استطاعت ان تتحدى المنطق في الحكم على المدن وفي الحكم على تطورها بمدى تناغمها مع التقدم التكنولوجي ، فالمنطق العصري اليوم يقول : ان مستويات التمدن لابد ان تكون متطورة كي نحكم على اي مجتمع بالتطور فكانت على عكس المنطق البصرة قدمت اليوم مثالا في السلوك الانساني الفطري البسيط القائم على المحبة والعطاء ، واستطاعت البصرة ايضا وبكل جدارة ان تناغم كل الثقافات القادمة اليها وبمختلف الوانها واطيافها وقدمت عنوانا عراقيا خالصا في الترحاب بالضيوف وبالكرم والحفاوة، فقد قدمت ما عجرت عنه كل المدن المتطورة بالوسائل التكنولوجية وقدمت عرضا انسانيا بحتا بقيمٍ عراقية خالصة لتظهر بأبهى واجمل صورة . حيا الله البصرة