قال رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية عن انتصار فلسطين في حرب الروايات: اليافعون والشباب الفلسطينيون انتصروا في حرب الروايات ضد الكيان الصهيوني وامريكا باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي التي أنشأها الغرب للتثقيف غير السياسي للبشر.
ووفقا للجنة الشؤون الدولية للمعرض الإيراني الرابع والعشرين للاعلام، قال ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية، خلال ملتقى تحت عنوان «حرب الروايات وحرب غزة الميدانية» الذي أقيم في جناح غزة بالمعرض: لقد اثارت الحرب في غزة أسئلة كثيرة لا نستطيع الاجابة عليها إلا بعد انتهاء الحرب، وينبغي أن يكون لدينا إجابة لها، ولكنني سأحاول أن أوضح بإيجاز أحد الجوانب المشكوك فيها في حرب غزة، وهي حرب الروايات؛ لأن هذه قضية جديدة يواجهها الشعب الفلسطيني.
وأوضح قنديل أن الحديث عن عملية طوفان الأقصى هو حديث عن ابتكار عسكري جديد كشفت عنه حماس، وقال: في هذا الصدد يمكن لخبراء آخرين أن يتحدثوا، لكن إحدى معاركنا مع الكيان الصهيوني وداعميه هي حرب إعلامية. وإذا أردنا أن نصف مشهد هذه المعركة بإيجاز، فلا بد من القول أننا انتصرنا في هذا المشهد. لقد اعتقد الكيان الصهيوني دائماً أنه يحظى بموافقة الرأي العام، لكننا اليوم نرى أن لا أحد يلتفت إلى روايته، وهذا يدل على انتصارنا في هذه المعركة.
وتابع هذا الصحفي اللبناني: العدو الصهيوني اليوم يستغرب جداً أن شعب أوروبا غير رأيه تجاه غزة 180 درجة ووقف لدعم الشعب الفلسطيني، وكل يوم نرى مسيرات في شوارع أوروبا. قبل عملية طوفان الأقصى، كان المسؤولون الغربيون يذهبون إلى تل أبيب ويعلنون دعمهم للمحتلين؛ على سبيل المثال، رأينا أن رئيس فرنسا أعلن أننا يجب أن نشكل تحالفاً لمحاربة حماس، أو قال رئيس الوزراء البريطاني أننا يجب أن نواجه حماس، لكن الانتصار في حرب الروايات تسبب بعد شهر من بدء الحرب بان يضع أمريكا في موقف لاتحسد عليه في مجلس الأمن الدولي وتضطر للوقوف بمفردها مع الصهاينة في هذا الاجتماع الدولي، أيدت 153 دولة، بما في ذلك الدول الأوروبية الكبرى، إنهاء الحرب، لكن أمريكا وحدها وقفت إلى جانب الكيان الصهيوني.
وتابع رئيس تحرير صحيفة البناء: في حرب الروايات هذه يلوح سؤالان في الأفق؛ من هو على حق وما هو الصحيح؟ واليوم، يعلم الجميع أن الفلسطينيين على حق، وهذا ما تؤكده مظاهرات مئات الآلاف من البشر في دول العالم. وهذه نقطة مهمة غيرت موقف الدول. ونخلص إلى أن الكيان الصهيوني فشل في حرب الروايات.
وأردف هذا المحلل السياسي: السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا النصر في حرب الروايات مهم على المستوى الميداني أيضاً؟ فعندما تستطيع أميركا أن تستخدم حق النقض ضد كل القرارات، فهل يكون لهذا النصر في حرب الروايات أي تأثير؟ الجواب هو أن عدم فعالية هذا النصر هو انطباع خاطئ. من انتصر في حرب الروايات الزمن لصالحه ومن خسر الزمن ضده وعليه إنهاء الحرب في الميدان عاجلاً أم آجلا، حرب الروايات تبين أن رأي الشعب هو الذي يحدد مصير الحرب.
ووصف قنديل الزمن بأنه «جنرال الحرب»، وأوضح: في كل معركة، الجنرال هو الذي يقرر مصير الحرب عند دخوله الميدان. والآن يُطرح هذا السؤال، كيف انتصرت فلسطين في حرب الروايات؟ الجواب على هذا السؤال مهم أيضاً بالنسبة للمعارك الأخرى في المنطقة. وبسبب تفكيرها، فإن جبهة المقاومة حذرة بعض الشيء في الألعاب الإعلامية. حيث تناقش اليوم مسألة التفوق المعنوي لجبهة المقاومة، وهي قضية أهملت منذ زمن طويل في العلوم السياسية، لكنها عادت لتكون العنصر الأساسي في معادلة توزيع السلطة. في زمن ثورة تقنيات الإعلام وحجم المعلومات التي يتم تبادلها في كل لحظة، وكل مواطن هو مرسل ومستقبل للمحتوى في آن واحد، فإن الحكم البشري يحدث في لحظة تلقي الأخبار. على سبيل المثال، في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لم يتمكن العالم من اتخاذ القرار بشأن الجانب الذي سيدعمه؛ وهذا لا علاقة له بالتخطيط الاستخباراتي والإعلامي. ويرجع ذلك إلى أن روسيا في طليعة مواجهة الإمبريالية الأمريكية، ومع ذلك، الا ان امريكا روجت لنظرية ان روسيا هي التي غزت اوكرانيا و من خلال متابعة الأخبار، لا يمكنك أن تقبل أن روسيا قد غزت البلاد، ولا يمكنك أن تقبل أن أمريكا قد انتصرت على روسيا.
وتابع: الأخلاق في الإعلام شيء مفقود هنا. وهذا يدل على أن الفوز في حرب الروايات ليس بالأمر السهل.
وأوضح قنديل: في فلسفة محور المقاومة وعلى رأسه حزب الله، فإن عدم الدخول في حرب كبرى بسبب الضغوط التي تمارس على حزب الله من قبل مؤيديه ومعارضيه يعود إلى القلق من حرب الروايات . لنفترض أن حزب الله هاجم تل أبيب، وقام الكيان الصهيوني بضرب دمشق؛ ستقول الدول العربية أن هذه حرب بين إيران والكيان الصهيوني ولن ندخلها، وسيقول الغربيون إن إيران تنوي قتل اليهود. لذلك نرى أن حرب الروايات ستفشل. وتأكدوا أنه عندما تقول حرب الروايات أن الكيان الصهيوني في خطر، فإن نتيجة المعركة ستتغير تماماً.
وقال: الحقيقة أن الشعب الفلسطيني كان مظلوماً، وأن الكيان الصهيوني يتصرف بطريقة إجرامية ووحشية وبلا رحمة. وكيف تم تمثيل هذين المفهومين في الروايات الإعلامية؟ من وجهة نظر مهنة الإعلام، ومن الناحية العملياتية، كان هناك طرفان حاضران في حرب الروايات. فمن ناحية، أراد الغرب، من خلال إنشاء شبكات اجتماعية، تدريب إنسان غير سياسي للقرن الحادي والعشرين وتعزيز ثقافة المواطنة الاستهلاكية الجديدة وأسلوب الحياة من خلال صفحات اجتماعية تحتوي على الحياة اليومية ومن خلال معلومات هذه الشبكات، التسويق حسب أذواق هؤلاء المواطنين. لكن على الجانب الآخر، يوجد اليوم جيل جديد يجيد اللغة الإنجليزية وشبكات التواصل الاجتماعي ويبدأ في نشر المعلومات حول الأحداث دون التنسيق مع أحد.
وقال هذا الصحفي اللبناني: لا بد أنكم سمعتم اسم مستشفى الشفاء في غزة وهو أكبر مستشفى في غزة، ومع بدء الحرب ووصول الشهداء والجرحى أصبح غرفة عمليات حرب إعلامية للصحفيين، وليس فقط الصحفيين، بل أيضا الشباب والمراهقين الموجودين على شبكات التواصل الاجتماعي، لقد جاؤوا إلى هناك للإعلام، وبهذه الطريقة تم تحقيق النصر في حرب الروايات.
وقال: حاولنا طوال 9 سنوات أن نقول إن اليمن مظلوم، لكن لم يكن أحد يقبل ذلك، إلا مع بدء عملية طوفان الأقصى ودخول اليمن في الدفاع عن أهل غزة والتورط في الصراع ضد الصهيوني وأمريكا وبريطانيا وبهذه الطريقة في الإعلام، خلال أيام قليلة، تغير السرد وأدركت شعوب العالم حقيقة اليمنيين.