عبد الرسول الاسدي
( من يجرؤ على القول بأنني حر في حين أن صديقًا لي هو الأكثر شهامة وكبرياء لا يزال يقبع في السجن) البير كامو
ربما يختصر هذا القول الكثير من المعاني الماكرة التي تدور حولها قائمة الشبهات حيال الإنتماء الحقيقي للإنسان الى معسكر المبادئ .فعن أي مبادئ يمكن أن نتحدث بملئ الفم ونحن نغدق على أنفسنا توصيفات قد لا تكون بالضرورة صحيحة في معارك ثانوية يتحتم فيها علينا أن نكون صائبين في إختيار الوجهة التي ننتمي اليها .
فصاحب المقولة أعلاه وصفه آخرون بأنه ( جبان ) لأنه لم يختر الحرب على الطريقة السارترية بل على طريقته الخاصة حيث يجب عليه أن يدفع ضريبة الإنتماء الى معسكر الإنسانية النبيلة وهو يقول (أعرف أني لم أكن أبدا سعيدا، ولا هادئًا إلاّ عندما أؤدي عملا جديرا بالإحترام ، بين أناس أحبهم).
رائد الصحافة العربية الأستاذ محمد حسنين هيكل إستنكر النزعة الفرعونية عندما أدرك أن أصحابها ينفخون في هذه النزعة التعظيمية للفرعونية ليس لما للفراعنة من قيمة وإنَّمَا لقطع الصلة مع العرب والإسلام فقط فانقلب على هذه النزعة أيضاً.
نحن في الشرق لا ننظر الى الصحفي على أنه على حد تعبير أحد الكتاب (كما المؤذن يعلن عن وقت الصلاة وليس مسؤولاً عمن سيحضر ويلتزم بالصلاة أو لا يحضر) لأن رسالتنا أعمق من أن تكون تبليغية فحسب أو تذكيرية بل مصيرية جدا .
حروبنا التي نخوضها بضراوة تنتمي الى ساحة الإيمان بالحوار مع الآخر لكنها لا تخلو من معارك ثانوية يكون فيها للكلمات وقع الرصاص وتأثير المدافع .
فعندما تكون الصحافة حرة ويكون الجميع قادرون على القراءة فكل شيء آمن حسبما يقول توماس جيفرسون ، لكن الشرق تقول أن كل شيء غير آمن حتى يكون الجميع قد تسلحوا بالضد من نزعات التفرد والرغبة في انكسار الآخر …
نعم نؤمن بالمشاركة في بناء الوطن وفق تلاوين مختلفة شريطة أن تكون بوصلتنا الحقيقية ولاشيء آخر .