بقلم / فوزية أوزدمير
النص //
عندما لا نكون ..
من السهل جدا أن أغير ملامحي ..
ومن السهل جدا أن أتقمص فرحة لا تطربني
ولكن .. !!
هل لي أن أعيد الثواني لتكتبني من جديد؟!
وهل لي أن أحصي كم رواية بلهاء قرأت ، ولم أجني منها غير ثرثرة أبطال من ورق لا تتوانى عن فزعي كالشياطين في أقرب مرصد ؟!!
وهل لي أن اعدد كم ليلة دهماء ألجمت أبحديتي ؟؟؟
بت اتحسس كل ثانية انسلخت من مرقابها وخانت وعدها لتعدو على جبيني بقدمين كالصرير ، وكم سردية انهارت ولم يتبق من قسماتها غير أقنعة بألوان الزيزفون ؟!..
تعودنا أن نرمم الرؤى بنصف وجه ، نمارس شتى أنواع القفزات ، نتوارى برائحتنا الكريهة خلف قطعة حلوى ، نقايض المعقول باللا معقول ، نزحف بارتجاف خلف خطوط الوعي ونمضي بعد طول كلل بتعويذة كاهن ..
تسلبنا أفكارنا الرمادية لذة استنشاق أحلامنا ومراقصة خمير وردة
ما بين صدق الشمس وانكسارها خيط رفيع ..
قد يعيرنا المكر بثوب المجاز مساحة فضفاضة ، نراوغ فيها كالقطط ، نتلبس الحكاوى والأساطير ، نمازح الخطيئة في صومعة قديس لنغغو ولو لدقائق على أرائك رضا مغشوش ..
من منا يجرؤ على اقتحام وكر المكيدة
ويمسح بكلتا يديه أرض الحرام ويمحو الفراغات المستعرة ، وينتشل قلب الليل من كوابيسه المزمنة ؟؟؟
خطر لي مرة ..
أن أغير تركببة دمي ، وأهجر كل الأقنعة التي تعودت على اقتنائها ، مقابل تنازلي عن سطر قرأته مرة ، أو شيئا من ما كنت أدخره خلسة على مر السنين
هو حصيلتي من عناوين لا زلت أجهلها أو بالكاد أتخيل صورها ..مالضير في أن أكون منهزما إذن ؟!! ..
وأنا الذي عشت عمري بلا اسم محدد .
القراءة
———
الحرية هي أول خمس دقائق وُلدت؛ فيها أبكي عارياً ، بلا إسم ، بلا خطيئة ، بلا توجهات ، وبلا حقد بشري
« مكسيم غوركي «
يصعب تفسير ما هو واضح ، كثيرون يفضلون ما هو غامض ما هو مخبأ وما هو مجهول..
حيث يقتصر اللعب على الذات الشاعرة – عندما لا نكون – ، و تنجح البورتريهات الموسومة ب « الأنا « والأشياء ذاتها من منظور رؤيوي مختلف عبر توصيفات عميقة تكسر الأفق الحالم والحنينيّ ، مدماك حركة محورية بين الممكن في طرح سؤال الباطن وعلاقته مع الخارج للوصول إلى المعنى المتخيل من خلال الدخول إلى أجوبة لا نقول عنها نهائية بالمطلق ولكن أسئلة الحياة والوجود وفهم القصد المستتر والإبقاء على استقلال الذات وصوت الأنا وصدى الاحاسيس في هذا التحرر السيكولوجي المخاطب في هذه المتتالية المنغمسة في تفاصيلها التي يقصدها الحمداني في هذا المحو والتفريغ بعد الإمتلاء لحظة التحرر من عبثها الماضويّ ..
– بت اتحسس كل ثانية انسلخت من مرقابها وخانت وعدها ..
حيث تتصرّف الذات بشيء من الإنتفاء عن الماضي وتدخل وجودية ضرورية قلقة قادرة على حفظ الشكل الحقيقي أو الهدف الذي يجاهر بقوة حضوره حين يستمر الحمداني بتلقيم الكلام إشارات ودلالات المحو إلى أن تصل لكل ما تجسّد في المشهد المكتوب و المحسوس ، والصور المنتقاة من داخل الذاكرة وتدرجات منعطفات الحياة لتنشأ علاقة ربط تدعمها الذات بما فيها من ألم ومعاناة بين زمنين حيث الثاني فيها خلاصة الأول
– تسلبنا أفكارنا الرمادية لذة استنشاق أحلامنا ومراقبة خمير وردة –
عندما تمتلك الأنا أنواعاً مركبة تتبدل كل مرة بتأويلات وأشخاص ..
– قد يعيرنا المكر بثوب المجاز مساحة فضفاضة ، نراوغ فيها كالقطط ، نتلبس الحكاوي والأساطير..
نمازح الخطيئة في صومعة قديس ، لنغفو ولو لدقائق على أرائك رضا مغشوش ..
بحيث يصير المكان أمكنة صغيرة وكبيرة بين التستر والانكشاف ، محطات ومنعطفات للذات المفعمة بالانفعالات ، وصوت المتكلم مدعوماً باللا استكانة في الفضاء اللا مستكين الذي لم يعد جزءاً ناصعاً من صوت الأنا وغياهب الأحوال في صناعة الألم الضامن الأبدي له بصفته المخلص للعذابات وبصفته جزءاً متحولاً من ذاكرة انتقائيّة تخزينيّة في تقاطع الواقع والمتخيل
– وأنا الذي عشت عمري بلا إسم محدد –
بأبعاده وحيثياته ليخلق عالمه الداخلي والفضاء الذي تدور فيه منهجيته البنوية والنفسية عبر دلالات مفرغة حمولاتها فوق أديم المعنى المهيب بين الذات والأنا والأشياء ذاتها من منظور رؤيوي مختلف عبر توصيفات عميقة تكسر الأفق الحالم الغامض بوصف الآخر الذي لم يعكس قابلية الشكل والمضمون في آن ..
هذا المشهد السرديّ يلخص للكتابة عن الماضي وتداخل وجودي بأفعال ذاتيّة بضمير المتكلم عن ذات حاضرة تحاول أن تعبر نحو الضوء .. نحو اللاشيء بالرمزية المضمنة للحالة الشعورية المكتظة بالحالة النفسية الشاعرة لتخلق سياقات النفس الأنا مؤقتة وعابرة نحو مستقبل يربط بين الحقيقة والمفترض وبين كسر الذات وجبرها عبر المحو الذي يستثير الألم والقسوة الذي يشيع التناقضات والتضاربات التي تستثير الواقع الموجع لتتحول المشاهد فيما بعد إلى لوحة مكتظة بضجيج الصور، مرصوصة بمجاز يعيد سيرته الأولى وهو يقاوم محرقة الوجود بمحرقة اللغة في عملية التكهن التي تترك الباب موارباً لتأويلات يتقاطع فيها الذاتي مع الموضوعي والبديل الذي يكتسب وظيفته وأهميتها من العالم الذي يعكس قابلية التذكّر لأجل النسيان في سبيل الخلاص من هذا الإهلاك النفسي لحيثيات كامنة تستنفر اللغة طاقاتها بهذا الخليط المحيّر من توسع البون بين صورتيّ الواقع في باطنه المحمول بالذات الشاعرة المتحطّمة على صخرة النفس الفظّة ، وباطنه المتخيل على معاني العقر للمتلقي ، فكلها مشوبة بالفقدان ، الفقدان الذي تمرّبه الذات والأنا والأشياء، بتعبير عالي المجاز والتشبيه بين ثنائية الوجود واللاوجود، بمسافة بعيدة عن الماضي وبعيدة عن المستقبل في زمن اللحظة الآنية التي يجب فيها التخلص من الماضي ونجاة الذات من محرقتها – عندما لا نكون –
نص سرديّ فلسفي بدلالات عميقة المعنى
دام لك الفكر المبدع والمتألق عزيزي الحمداني..
ودمت بجميل مودتي وطيب تحاياي