بقلم / عادل العرداوي
فعلاً حسناً فعل زميلنا المهندس الاديب لطيف عبد سالم، حينما تذكر بكل الوفاء والعرفان واحداً من ابرز شعراء الاغنية العراقية الراحل (كاظم عبد الجبار) وذلك عبر كتابه الصادر في عام / 2020 المنصرم الذي يحمل عنوان ( كاظم عبد الجبار.. شاعر غنائي توارى منسياً في متاهات الزمن..!!) الذي ضم ستة فصول.
وبإصدار هذا الكتاب الاستذكاري من قبل مؤلفه الباحث لطيف عبد سالم فقد اتيحت الفرصة لنا نحن مجايلي الصديق الشاعر كاظم عبد الجبار للتعرف على بعض صفحات من مسيرته باعتباره واحداً من ابرز شعراء الاغنية العراقية في فترة سبعينات القرن الماضي التي تعد بلا ادنى شك المرحلة الذهبية للشعر الغنائي وللشعر الشعبي العراقي عموماً..
فقد كشف الكتاب عبر فصوله التي انتشرت على ( 165) صفحة من الحجم المتوسط لمحات من سيرة هذا المبدع والعصامي المولود في مدينة السماوة عام / 1937 لعائلة عمالية كادحة حيث كان المرحوم والده يعمل مراقباً عمالياً في محطة قطار السماوة..
فقد نشأ عبد الجبار الشاعر في بيئة فقيرة وظروف معاشية ليست مريحة او ميسرة، وهكذا فقد ظهرت موهبته المبكرة محباً للشعر والمفردة الشعبية والغنائية الشفافة، بل كان يميل منذ يفاعته الى متابعة فن الغناء والطرب الاصيل ورواده، حتى ان شغفه بذلك دفعه آنذاك لمراسلة الفنان المطرب والملحن الراحل فريد الاطرش الذي كان فعلاً يرد عليه ويبعث له بصوره الشخصية هدية له..
وقد اورد مؤلف الكتاب نصاً شعرياً يعد من بواكير شعر كاظم عبد الجبار يصف فيه الحالة المعاشية البائسة التي كان يعيشها مع اقرانه الاخرين وهذا مما دفع بكاظم لان يترك دراسته المتوسطة ويلتحق متطوعاً بإحدى وحدات الجيش آنذاك لتدبير وضعه المعاشي..
وبعد تأسيس اذاعة ( القوات المسلحة) في اواسط ستينات القرن الماضي من ضمن مؤسسة الاذاعة والتلفزيون العراقية حيث كان الفنان المسرحي الراحل راسم الجميلي مديراً لتلك الاذاعة التي سرعان ما التحق بأسرتها الشاعر كاظم عبد الجبار، الذي اتاحت له هذه الفرصة مجالاً رحباً للإبداع والشهرة، وهكذا فقد اندفع هذا الشاعر في تقديم العديد من البرامج المنوعة التي من بينها برنامج (الشعر الشعبي) الذي كان يعده ويقدمه وحصل من خلاله على شهرة واسعة بين الشعراء والملحنين والمطربين الذين كانوا يترددون على الاذاعة والتلفزيون..
وبفعل دوامه العمل اليومي في الاذاعة فقد كان الباب مفتوحاً امامه لتتحول نصوصه الغنائية العذبة إلى اغان جميلة وشجية مازالت ذاكرة الناس تتذكرها وترددها، خاصة بعد ان صاغت الحانها وابدعتها قدرة مجموعة متميزة من كبار الملحنين آنذاك امثال: فاروق هلال وعبد الحسين السماوي وطالب القرغولي ومحمد نوشي والراحل محمد عبد المحسن وياسين الراوي واضرابهم، نصوص غنائية معبرة وساحرة نسجها المبدع كاظم عبد الجبار التي شدت بها اصوات الكويتي عبد الله ارويشد، ومائدة نزهت، وعبد الجبار الدراجي، وحسين نعمة وفاضل عواد ومظفر عبادي وهناء وغيرهم..
فمن تلك الاغاني التي حفرت لها موقعاً في ذاكرة المستمعين وعشاق الغناء الاصيل اغنية ( اتنه .. اتنه) بصوت فاضل عواد ولحن طالب القرغولي:
اتنه .. اتنه..
وانتي نفسچ ماتنيتي ..
هم تنيت ومااجيتي ..
ياما گلتي اهواي .. گلتي وماوفيتي ..!
ياما اسهر وانتي نمتي وماصحيتي ..
ولو جفيتج ليله وحده ..
گلتي وينك .. ياتچيتي..؟
وهذا ديدانچ يهيله
وهذي عاداتج يهيله
من غرورچ ماشفيتي
ولو گلتلچ اوفي عهدچ..
گلتي : اتنه .. وانتي نفسچ ماتنيتي ..!
وقد ترك هذا الشاعر الرائد ورائه وبعد رحيله اكثر من ( 300) نص شعري وغنائي لكنها غير موثقة بل انها ضائعة مع الاسف حسبما ذكر ذلك الشاعر عزيز عبد الجبار ( شقيق الشاعر الراحل ) وتلك خسارة اخرى تضاف الى رصيد كاظم عبد الجبار (الخسران) على طول الخط مع الاسف..!
ونحن نغور في تجربة هذا الشاعر المبدع لابد ان نمر مرور الكرام عل رائعته الاخرى (تعاليلي ) التي سبق للفنان الرائد فاروق هلال ان لحنها وغناها بصوته، وغناها ايضاً المطرب جمعة العربي، واخر من اداها الفنان الكويتي عبد الله رويشد:
تعاليلي ..
تعالي وگطري حنيه
تعاليلي ..
عذاب وحرگه مابيه..
تعالي وشوفي حنيتي
تعالي يابعد بيتي ..
تعاليلي وندهيلي
حبيبي اللهفه ناديلي ..
صيحيلي .. تعاليلي ..يالحنينه تعاليلي ..
تعالي وگطري حنيه ..
عذاب وحرگه مابيه ..
وفي الفصل السادس والاخير من الكتاب فقد استطاع المؤلف ان يجمع شهادات بحق هذا الشاعر الغنائي الراحل ممن جايله وعمل معه وهم كثر منهم مثلاً كل من الذوات: امل خضير، وناظم السماوي الذي هو ابن مدينة السماوة، والدكتور جبار فرحان العكيلي، وعادل العرداوي، وطاهر سلمان وكاظم السيد علي، واسماعيل محمد اسماعيل، وكاظم الوحيد، وبشرى سميسم، وبشير العبودي، ومحمد المحاويلي، وفاروق هلال، وحيدر شاكر الحيدر، ومهدي عبود السوداني، ونجم مشاري وغيرهم..