كتب رئيس التحرير الزميل عبد الرسول الاسدي
بهذه العبارة الخالدة اخبرنا الإمام الحسين عليه السلام عن سبب خروجه من مكة المكرمة إلى الكوفة رغم المخاطر المحيطة به : ( اني ماخرجت اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا أنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي )
فالاصلاح الذي أراده الإمام الحسين عليه السلام هو اصلاح الامة ككل وخروجه عليه السلام لم يكن لأهداف نفعية أو فئوية أو لغايات سلطوية.
فمن يقدم نفسه وولده واصحابه لا ينشد أي هدف سوى مرضاة الله عز وجل والاخلاص في تقديم افضل ما يمكن لهذه الامة والناس جميعا في اصلاح شمولي في الدين والدنيا من خلال تقويم الأمة ومحاربة الظلم والفساد لهذا فمن غير المستغرب ان يكون الامام الحسين عليه السلام قبلة لكل الاحرار في العالم ومنارا للثائرين والباحثين عن الحرية .
ان المناداة بتحقيق الاهداف التي نادى بها الامام الحسين عليه السلام في ثورته الخالدة تعني ان نبدا حرفيا باصلاح الذات ثم الشروع الى اصلاح المجتمع باسره انطلاقا من انفسنا وكما قال تعالى ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم )
فاذا أردنا أن نعكس ما جاء به الإمام الحسين عليه السلام على واقعنا بكل سلبياته فيجب أن نطبق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع وهذا ما ذكره الإمام في حديثه عن آلية تطبيق الإصلاح حيث ذكر أنه جاء للإصلاح في أمة جده ليامر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهي دعوة تصلح لكل العصور والمجتمعات لهذا من واجبنا كمعتنقين لمنهج الثورة الحسينية ان نتحرك ضمن الدائرة الايجابية والتفكير السليم وان نحث الاخرين على الايجابية والتسلح بالثقة بالنفس بعيدا عن ضجيج الاشاعات والتهويل واللهاث وراء المظاهر الزائفة والخداعة .
ان محاربة الفساد ومكافحة الفاسدين لا يتاتى فقط بالاجراءات القانونية المتبعة ضدهم بل بنشر ثقافة التسلح بالنزاهة والابتعاد عن المال الحرام وهدر الفرص واحترام العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وهو ما يستلزم ثورة واعية من كل المؤسسات الشعبية والرسمية لإعادة برمجة تذكير المجتمع وتصحيح مساراته وبغير هذه الثورة التربوية لا يمكن أن يتم الإصلاح المنشود الذي يلتقي مع ما جاء به الإمام الحسين عليه السلام .
ان الثورة العقائدية للامام الحسين عليه السلام انما جاءت لاشاعة العدل بين الناس كونه عليه السلام رأى الحق لايعمل به والباطل لا يتناهى عنه ووجد بعض الناس يرون المعروف منكرا والمنكر معروفا ، ويتصرفون حسب اهوائهم ومصالحهم الشخصية بعيدين كل البعد عن تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة ، لذلك نحن اليوم أحوج ما نكون إلى أن نسير على نهج الامام الحسين الاصلاحي ونقف جميعا وقفة ثورية ضد كل الظالمين والفاسدين والمعتدين .
ان هيهات منا الذلة ليست مجرد شعار ولا ارجوزة في معركة بل فعل ديناميكي تحرك على الارض من ايقاع الموقف وصار دستورا للتغيير ومنهجا للاصلاح وفرصة للتعبير عن وعي الامة وهدفها لهذا اصبح الامام الحسين عليه السلام نبراسا للثائرين وما زالت الثورات الإصلاحية في معظم دول العالم تستمد قوتها من ثورة الامام الحسين عليه السلام، ولهذا فعلى من يسير على نهج الحسين يجب أن يتحلى بالصفات الحميدة فالامام الحسين عليه السلام لا يظلم ولا يفسد في الأرض ولا يرتكب الجرائم باسم الدين ومن يفعل ذلك ليس حسينيا لان نهضة الحسين عليه السلام جاءت لاستنهاض الأمة وتسجيل موقفا تاريخيا تحذو حذوه الأجيال اللاحقة . فجميع الثورات التي انطلقت بعد ثورة الحسين كانت ترفع شعار ( يا لثارات الحسين ) وتطالب بإقامة العدل بين الناس وطرد المفسدين من السلطة . فاهداف ومبادئ الثورة الحسينية كانت حاضرة مع العراقيين في جميع ثوراتهم وانتفاضاتهم ضد الظلم والاحتلال والاستغلال لا سيما في ثورة العشرين والانتفاضة الشعبانية ضد طغيان النظام الدكتاتوري وكذلك في هبة العراقيين استجابة لفتوى المرجعية في الجهاد الكفائي لكسر شوكة الارهاب وداعش .
ان ثورة المظلوم على الظالم وصرخة الحق ضد الباطل وصرخة بوجه الطغاة والمفسدين الذين خانوا الأرض والعرض وتاجروا بالدين والمذهب ودماء الأبرياء وان سبيل الاصلاح لا يمكن ان يتحقق الا بثورة ضمير تبدا من الانسان والمنزل والمدرسة والمجتمع ككل الى الدولة باكملها لنبدا بصفحة جديدة تكفل لكل ذي حق حقه .