الموصل – نوفل الراوي
الموصليون الحقيقيون مجبولون في محبة مدينتهم التي يجدون فيها البيت الواحد الذي يلم شملهم ، ويتسع لاحلامهم .. والموصليون خاضوا ويلات كثيرة ، وذاقوا عذابات واحتلالات مريرة كانت تبطش بتراثهم ، وتهدد كيانهم ؛ لكنهم سرعان ما يقرروا التغلّب على ظرفهم وينتفضوا من جديد ليلحقوا بالركب في دأب وثبات من أجل تعويض ما خسرته المدينة
فخري الجوالي أحد أولئك .. هاله منظر الدمار الشامل الذي عاشته الموصل يوم دخلها الدواعش ولم يخلفوا لأهلها سوى البؤس وتدمير تراثها والنيل من تأريخها وقبابها و قناطرها وبيوتاتها العتيقة بما تحويه من مقتنيات وقطع تتنفس عبق اصالتها
يقول فخري : بعد الفاجعة الكبرى صحيت من الكابوس حيث منظر الموصل لا يسر فبادرت بمفردي باعادة اصلاح شبكات الماء في منطقتي المنكوبة ( العكيدات ) وعملت على رفع مخلفات الحرب على نفقتي الخاصة ، وأعدت طلاء وجهات زقاق محلتي كي أشجع الناس للعودة الى مساكنهم .. وأفردت لهم مكانا بجوار بيتي للاستراحة فيه .. وهنا تدخل القدر لما أنا فيه الآن حيث اقترح علي أحد اصدقائي أن أقوم بحفظ القطع التراثية النفيسة التي أحظى بها واقتنيها من بائعها كي احد من نقلها الى اماكن اخرى خارج الموصل ؛ و لا سيما اني من هواة جمع الأنتيكات .. وفعلاِ تحمست للفكرة وبدأت بجمع القطع التراثية سواء كانت معدنية أو خشبية او جلدية الخ .. عن طريق الشراء وبعضها كانت موجودة اصلا في بيت والدي .. واستطعت بمعاونة زوجتي أن أجمع نحو6000 قطعة متفاوتة بالحجم والوزن والمادة وهذا ما لا يتوفر في أي متحف موصلي علما أن الإقتناء مستمر ، وإني ابحث عن مكانٍ أوسع كي يستوعب مقتناتي
في عالمي الذي رسمت ملامحه بنفسي بإمكان المتلهفين لعبق التراث العثور على مبتغاهم هنا .. قطع اثاث ملكي مصنوع من أجود الأخشاب واجهزة صوتية قديمة حاجيات المطبخ وجهاز العرسان ملابس تمثل الفلكلور العراقيّ المفضل زوالي وتحف واشياء كثيرة تسر الناظرين .. شخصيا أقرب قطعة لي هي الكشتبان التي لا يعرفها الجيل كون أن انامل امهاتنا لامستها من اجل ان تخيط لنا قطعة ملابس نتباهى في ( تدشينها) خلال ايام العيد
زائرون من محافظات العراق يزورونني للإستمتاع في جولة داخل المتحف ويسجلون اعجــــــــابهم بالمكان ، كما زارتني منظمات من الولايات المتحدة وبريطانـــــــــيا وفرنسا وبلجيكا وغيرها والكل عرض على المعاونة في انشاء متحف خاص بي ، أو افراد مكـــــــــــان لي ضمن أروقة الحضاري الموصليّ الذي هو قيد الإنشاء لكني افضــــــــــــل تان أخذ الحكومة المحلية دورها في الجانب الوطني .
