عبد الرسول الاسدي
إنتهى الطف وهدات الدموع وعاد المعزون الى ممارسة حياتهم الطبيعية بعد إحياء شعائر الإمام الحسين عليه السلام ليبقى السؤال الأهم الثابت في الذهن حول ما حققته الثورة الحسينية على الأرض من نتائج ؟
لعل أولى تلك النتائج هي فضح حقيقة النزعة المتسلطة على الحكم، وكيف إن تضحيات الثائرين نسفت كل الأطر الدينية المزيّفة التي إستطاع الظلمة من خلالها تحشيد الجيوش للقضاء على الثورة الحسينية، مستعينين بحالة غياب الوعي وشيوع الجهل. كما إن إستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) هزّة لضمير الاُمّة وعامل بعث لإرادتها المتخاذلة وعامل إنتباه مستمر للمنحدر الذي كانت تسير فيه بتوجيه من بني اُميّة ومن سبقهم من الحكّام الذين لم يحرصوا على وصول الإسلام نقيّاً الى من يليهم من الأجيال . الإمام زين العابدين(عليه السلام) أجاب عن ذلك حين سأله إبراهيم بن طلحة بن عبدالله قائلاً : من الغالب ؟ قال (عليه السلام) : «إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم تعرف الغالب»
لقد كانت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) السبب في إحياء الإرادة لدى الجماهير المسلمة وإنبعاث الروح النضالية، وهزّة قوية في ضمير الإنسان المسلم الذي ركن الى الخنوع والتسليم، عاجزاً عن مواجهة ذاته ومواجهة الحاكم الظالم الذي يعبث بالاُمّة كيف يشاء، مؤطّراً تحركه بغطاء ديني يحوكه بالدجل والنفاق، وبأيدي وعاظ السلاطين أحياناً وأخرى بحذقه ومهارته في المكر والحيلة.
فتعلم الإنسان المسلم من ثورة الحسين (عليه السلام) أن لا يستسلم ولا يساوم، وأن يصرخ معبّراً عن رأيه ورغبته في حياة أفضل في ظل حكم يتمتع بالشرعية أو على الأقل برضا الجماهير.ونجد إنطلاقات عديدة لثورات توالت ضد الإنظمة الجائرة متخذة من يوم عاشوراء أنموذجا وقدوة ومنارا .
تلك الثورة التي لم تمت قط وبقيت في النفوس والقلوب والتاريخ والسير وحراك المجتمع غيرت الأمة وبعثت فيها روح المقاومة والصمود حتى اللحظة الراهنة ويكفينا إنها رفعت شعار هيهات منا الذلة خالدا عبر العصور.