الأستاذ بدر السويطي – بلغاريا
أرمينيا التي تهجعُ على أوراسيا المدمجة بين قارتي أوروبا و أسيا، واحدة من بلدان القوقاز المطلةُ بهيبةِ نسرٍ من أعالي جبال أرارات الشامخة، زاخرة هي أرمينيا بموروثها الثقافي و إرثها التاريخي الضارب في القِدٍم، اسمها الأصلي هاياستان» نسبةً إلى اسم البطريرك الأسطوري للأرمن « هايك» و هو حفيد النبي نوح عليه السلام، و الذي هزم ملك بابل و أنشأ أمته في منطقة « أرارات «، و تعرضت أرمينيا عبر التاريخ إلى غزوات كثيرة، منها غزوات الأشوريين و اليونانيين و الرومان و البيزنطيين و العرب و المغول و الفرس و العثمانيين و الروس، و كانت أشد ما تعرضت له أرمينيا هي المجازر المُروّعة التي إرتكبتها الدولة العثمانية بحق الأرمن، الأمر الذي دفع الأرمن إلى هجرة جماعية نحو بلدان العالم هرباً من بطش العثمانيين، يريفان هي عاصمة أرمينيا و حاضنة تاريخها، فيها المسارح و المتاحف و القصور و الحدائق، و يعلو في شوارعها صدى الموسيقى الأرمنية الشعبية، التي تلهم المارة بالتأمل في جمالية المكان و التمعن بتفاصيله الصغيرة، و في ساحة الجمهورية، يقع «سوق الفنون و الحرف اليدوية» حيث تتوفر المنحوتات الخشبية و التحف و السجاد القوقازي المميز بألوانه و جودته، كما تتوفر الأحجار الكريمة الحية الثمينة المّنتقاة من جبال أرارات كحجر الفيروز و الياقوت و الزمرد و حجر السبج و هو حجر بركاني مستخلص من الحمم السوداء و يستخدم هذا الحجر لإزالة الغشاوة عن العين و زيادة درجة حدة النظر، و يعج السوق بالسلع التراثية التي تمثل الثقافة الأرمنية بالخطوط و الأشكال و الرسوم و الايقونات، و على الجانب الآخر من دار الأوبرا يوجد سوق الفن الشعبي و الكنائس المزينة بالرسوم الفاتنة و الأيقونات الذهبية، و لا يكتفي الرائي بالوقوف أمام سحر الفن و الإبداع بل يأخذه الشغف للإقتراب منه لتصيبه عدوى الجمال و النور الساطع من الألوان و الأمكنة، و أكملُ رحلتي نحو النور المنبعث من جنبات البلاد لإكتشاف المزيد من أسرار أرمينيا الأم…