د. علي أحمد جديد
في مَوطِني ..
توجّسَ الحَمامُ خيفةً ..
وطارْ ..
وموطني يدورُ في دوّامةِ الأرَقْ
يعيشُ في شظافةِ الكفافِ والعَرَقْ
يكادُ يحترقْ .
حَمامُه مُرَوَّعٌ ..
يجوبُ ساحاتِ الأفقْ
أُسائِلُ الشيوخَ والنساءَ والصِغارْ :
– أحبتي ، من رَوَّعَ الحَمَامْ ؟..
تَقدَّموا ..
تَراجعوا ..
تَسلّحوا ..
تَراشقوا الحِجارْ .
عيونُهُم حمراءُ تَشربُ النعاسَ بانكسارْ ..
تمزّقتْ ثيابُهُم من القُعودْ ..
تَغَضَّنتْ جِباهُهُم ..
من كثرةِ الرُكوعِ ..
والسُجودْ ..
وانصياعاً للصوصِ والتُجّارْ .
بيوتُهُم تَقَوَّسَتْ ..
وأعشَبَ الجِدارْ .
ويَصرُخُ الصِغارْ :
أُماهُ آتِنا عشاءَنا ..
هاقد مضى النَهارْ .
أُماهُ جائعونَ ..
جائعونَ ..
جائعونْ .
تَوَجَّسَ الحَمَامُ خيفةً ..
وطارْ .
وطفلةٌ ماتَ في الحَربِ مُعيلُها عيونُها عصفورتان ..
تَدورُ في السماءِ ..
تَدورُ ..
تدور .
يَفِرُّ من رُؤى عيونِها الحَنانْ
سألتُها :
– من رَوَّعَ الحَمَامْ ؟..
تساقَطَتْ دموعُها ..
وأجهشَتْ
تراجَعَتْ معقودَةَ اللِسانْ ..
أنفاسُها كأنها احتضارْ .
توجَّسَ الحَمامُ خيفةً ..
وطار .
أعودُ للسؤال ..
وموطني يدورُ في دوّامةِ الأرَقْ
يعيشُ في شظافةِ الكفافِ والعَرَقْ
يكادُ يحترقْ ..
– أحبتي ، من رَوَّعَ الحَمام ؟!..
فجاوَبوا باختصارْ :
– ياأنتَ ياغريبْ ..
هاشمسُنا قد أشرقتْ من المَغيبْ ..
تداخَلَ الظلامُ بالنَهارْ ..
ورَوَّعَ الحَمَامَ تَوافِهٌ صِغارْ .
تَوَجَّسَ الحَمَامُ خيفةً ..
وطارْ .
تَوَجَّسَ الحَمام .